كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
وسار إلى واسط ، ثم منها إلى بغداد ، فدخلها في سابع عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة ، وخطب له بها في يوم الجمعة نصف صفر قبل وصوله إليها بيومين ، وكان سعد الدولة كوهراتين بالشفيعي ، ومعه إيلغازي بن أرتق ، وغيره من الأمراء ، فأرسل إلى مؤيد الملك ، وإلى السلطان محمد يستحثهما على الوصول إليه ، فأرسلا كريوقا صاحب الموصل ، وجكرمش ، فأما جكرمش ، فاستأذن سعد الدولة في العودة إلى بلده ، فأذن له ، فعاد إلى جزيرة ابن عمر ، وبقي سعد الدولة في جماعة من الأمراء ، فكتب أعيانهم إلى السلطان بركياروق أن يخرج إليهم ، وأنهم لا يقاتلونه ، فخرج إليهم ، فلما عاينوه ترجلوا ، وقبلوا الأرض بين يديه ، وعادوا في خدمته إلى بغداد ، واستوزر السلطان الأعز أبا المحاسن بن عبد الجليل بن علي الدهشاني ، وقبض على عميد الدولة بن جهير وزير الخليفة ، وطالبه بالأموال ، فاستقر الأمر بينهما على مائة ألف وستين ألف دينار يحملها ، وخلع الخليفة على بركياروق ، والله أعلم بالصواب .
ذكر الحرب بين السلطانين بركياروق ومحمد والخطبة لمحمد ببغداد
.
وفي سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة سار السلطان بركياروق من بغداد ، وجعل طريقه على شهرزور ، وأقام بها ثلاثة أيام ، والتحق به عالم كثير من التركمان ، وغيرهم ، وسار نحو أخيه محمد ، فوقعت الحرب بينهم في رابع شهر رجب بإسبيدروز ، ومعناه : النهر الأبيض ، وهو على عدة فراسخ من همذان وكان مع نحو عشرين ألف مقاتل ، فحمل كوهراتين من ميمنة بركياروق على ميسرة محمد ، وبها مؤيد الملك والنظامية ، فانهزموا ، ودخل عسكر بركياروق في خيامهم ، ونهبوا ما فيها ، وعاد سعد الدولة ، فكبا به فرسه ، فقتله خراساني ، وأخذ رأسه ، وكان سعد الدولة خادماً من خدام الملك أبي كاليجار بن سلطان الدولة من بويه ، ثم انتقل بعده إلى السلطان طغرلبك ، وتنقل في خدمة الملوك السلجقية ، فلما قتل تفرقت عساكر بركياروق ، وبقي في خمسين فارساً ، وأسر وزيره الأعز ، فأكرمه مؤيد الملك ، وأحسن إليه ، وأعاده إلى بغداد ، وأمره بالمخاطبة في إعادة الخطبة للسلطان محمد ، ففعل ، وأجيب إلى ذلك ، وخطب له في يوم الجمعة رابع عشر رجب من السنة .

الصفحة 198