كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 20 """"""
ذكر غزوة الهند
وفي المحرم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة أحب يمين الدولة أن يغزو الهند ويجعل ذلك كفارةً لقتاله مع المسلمين ، فسار ونزل على مدينة برشور ، والتقى هو وجيبال ملك الهند ، واقتتلوا إلى نصف النهار ، فانهزم الهند ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وأسر ملكهم جيبال وجماعة كثيرة من أهله وعشيرته ، وغنم المسلمون أموالهم وجواهرهم ، وأخذ من عنق جيبال قلادة من الجوهر قومت بمائتي ألف دينار ، واخذ أمثالها من أعناق مقدميه الأسرى ، وغنم المسلمون خمسمائة ألف من الرقيق ، وفتح كثيراً من بلاد الهند ، ثم احب أن يطلق جيبالا ليراه الهنود في شعار الذل ، فأطلقه على مال قرره عليه ، فأدى جيبال المال ، ومن عادة الهنود أنه من حصل منهم في أيدي المسلمين أسيراً لم يعقد له بعدها رئاسة ، فلما رأى جيبال حاله بعد خلاصه حلق رأسه وألقى نفسه في النار فاحترق ثم سار محمود نحو ويهند ، فحاصرها ، وأخذها عنوة ، ثم بلغه أن طائفة من الهند اجتمعوا في شعاب تلك الجبال ، فجهز إليهم من عساكره من قتلهم ، فلم يسلم منهم إلا الشريد ، وعاد إلى غزنة مؤيدا منصورا سالماً ظافرا .
ذكر ملكه سجستان
وفي سنة تسعين وثلاثمائة ملك يمين الدولة سجستان ، وانتزعها من خلف ابن محمد ؛ وكان سبب ذلك أن يمين الدولة لما رحل عن خلف بعد مصالحته على المال كما قدمناه عهد خلف لولده طاهر ، وسلم إليه مملكته ، وانقطع للاشتغال بالعالم ، وإنما فعل ذلك ليظهر ليمين الدولة تخلَّية عن الملك لينقطع طمعه عن بلاده ، فعفَّه ولده ، واستقلَّ بالملك فأخذ أبوه يلاطفه ، وادعى المرض ، فزره ابنه طاهر ، فقبض عليه ، وسجنه إلى أن مات في سجنه ، فتغير العسكر لذلك ، وكاتبوا يمين الدولة في تسليم سجستان إليه ، فجهّز من تسلمها ، وقصد خافاً ، وهو في حصن الطاق ، وهذا الحصن له سبعة أسوار محكمة يحيط بها خندق عريض لا يغبر إليها

الصفحة 20