كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 200 """"""
ذكر حال محمد بعد الهزيمة واجتماعه بأخيه سنجر
. ولما انهزم السلطان محمد سار طالباً خراسان إلى أخيه سنجر ، فأقام بجرجان ، وأرسل إلى أخيه يطلب منه مالاً وكسوة وغير ذلك ، فسير إليه ما طلب ، وترددت الرسائل بينهما ، وتحالفا ، واتفقا ، ولم يكن قد بقي مع السلطان محمد غير أميرين في نحو ثلاثمائة فارس ، فلما استقرت بينهما القواعد سار سنجر في عساكره إلى أخيه ، فاجتمعا بجرجان ، وسارا منها إلى دامغان ، وسارا إلى الري ، وانضم إليهما النظامية ، فكثر جمعهم ، وعظمت شوكتهم ، والله أعلم .
ذكر ما فعله بركياروق ، ودخوله إلى بغداد
.
قال : ولما انهزم السلطان محمد أقام بركياروق بالري ، واجتمعت عليه العساكر ، فسار معه نحو من مائة ألف فارس ، فضاقت عليهم الميرة ، فتفرقت العساكر عنه ، فعاد دبيس بن صدقة إلى أبيه ، وتوجه الأمير إياز إلى همذان ، وتفرقت العساكر إلى أن بقي في قلّة من العسكر ، فبلغه اجتماع أخويه ، وأنهما حشدا ، وكثرت جموعهما ، فتوجه إلى بغداد ، وضاقت عليه النفقات ، فراسل الخليفة عدة مراسلات ، فتقرر أن يحمل إليه خمسين ألف دينار ، فحملهما الخليفة إليه ، فلم تغن شيئاً ، فأفضى الحال إلى أن مد يده إلى أموال الناس ، وانتهبها ، فركب من ذلك خطة شنيعة ، وخالفه الأمير صدقة بن منصور بن دبيس صاحب الحلة ، وقطع خطبته من بلاده ، وخطب للسلطان محمد ، وسبب ذلك أن الوزير أبا المحاسن وزير بركياروق سير يطالبه بألف ألف دينار وكسور ، وقال : إنها قد تخيرت عليك ، فإما أن ترسلها وأما أن تتجهز الجيوش إليك ، فقطع الخطبة ، وعصى عليه ، والله أعلم بالصواب .
ذكر وصول السلطان محمد ، وسنجر إلى بغداد ، ورحيل بركياروق عنها
.
وفي السابع والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وتسعين وأربعمائة وصل السلطان محمد وسنجر الملك إلى بغداد ، ولما وصلا حلوان سار إيلغازي بن أرنق في عسكره إلى السلطان محمد ، وخدمه ، وكان عسكر السلطان محمد يزيد على عشرة آلاف فارس سوى الأتباع ، فلما وصلت الأخبار بذلك كان السلطان بركياروق على شدة من المرض ، فخاف أصحابه ، واضطربوا ، وعبروا به في محفة إلى الجانب ، وتيقن أصحابه موته ، ثم تراجعت إليه روحه ، ووصل السلطان محمد ، والملك سنجر إلى

الصفحة 200