كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 201 """"""
بغداد ، فخرج توقيع الخليفة المستظهر بأمر الله يتضمن سوء سيرة بركياروق ، والأستبشار بقدومهما ، وخطب للسلطان محمد بالديوان العزيز ، ونزل الملك سنجر دار كوهراتين ، ثم كانت الحرب بين السلطانين في صفر سنة خمس وتسعين ، وهو المصاف الثالث ، ووقع بينهما الصلح على أن يكون بركياروق السلطان ، ومحمد الملك ، وتضرب له ثلاث نوب ، ويكون له من البلاد جنزة وأعمالها ، وأذربيجان ، ودياربكر ، والجزيرة ، والموصل ، وأن يمده السلطان بالعساكر يفتح بها ما تمنع عليه ، وحلف كل واحد منهما للآخر ، وانصرف الفريقان من المصاف في رابع شهر ربيع الأول ، وتفرقت العساكر ثم انتقض ذلك ، والتقوا في جمادى الأولى من السنة ، وكانت بينهما واقعة ، وهو المصاف الرابع غير رجل واحد قتل صبرا ، وسار محمد في نفر يسير إلى أصفهان ، وحمل عليه بيده ليتبعه أصحابه ، وأخذ السلطان بركياروق خزانته ، ووصل محمد إلى أصفهان ، فأصلح سورها ، وحفر خندقها ، واعتد للحصار ، وجاء بركياروق ، وحاصره بها حصاراً شديداً حتى ضاقت الميرة ، واستمر الحصار إلى عاشر ذي الحجة ، واقترض محمد أموال الأعيان ، ثم فارق البلد في مائة وخمسين فارساً ، ومعه الأمير ينال ، فاستخلف على البلد جماعة من الأمراء الأكابر ، وبعث السلطان في طلبه ، فلم يدرك ، وسار محمد ، ووصل إلى ساوة ، واجتمع عليه عسكره الذي كان بكنجه ، وأعمالها ، ورحل إلى همذان ، وبلغ جمعه ستة آلاف فارس ، وأقاموا إلى آخر المحرم سنة ست وتسعين وأربعمائة ، وأتاهم الخبر بقصد بركياروق لهم ، فاجتمع على محمد جماعة أخرى ، والتقوا على باب خوى ، وهو الصاف الخامس ، وكان الظفر فيه لمحمد ، وانهزم بركياروق وأصحابه ، وسار محمد إلى خلاط ، ثم إلى تبريز ، وأذربيجان .
ذكر الصلح بين السلطان بركياروق وأخيه محمد
. وفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة تم الصلح بين السلطان بركياروق ، وبين أخيه محمد ، وحلف كل منهما لصاحبه ، واستقرت القواعد ، ووضعت الحرب أوزارها ، وتقرر بينهما أن السلطان بركياروق لا يعترض على أخيه محمد ، ولا يذكر معه على منبر من مثابر البلاد التي استقرت له ، ولا يكاتب أحدهما الآخر بل تكون المكاتبة من الوزير ، ولا يعارض أحد منهما العسكر في قصد أيهما شاء ، وأن يكون للسلطان

الصفحة 201