كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 203 """"""
وقعدوا للعزاء به ، فحذر الناس ، وصار لا ينفرد أحد ، وأخذوا في بعض الأيام مؤذناً أخذه جار له باطني ، فقام أهله للنياحة ، فأصعده الباطنية إلى سطح داره ، وأروه أهله كيف يلطمون عليه ، ويبكون ، وهو لا يقدر يتكلم خوفاً منهم ، وذلك بأصفهان .
ذكر ما استولوا عليه من القلاع ببلاد العجم
قال : واستولوا على عدّة حصون منها قلعة أصفهان ، وهي التي بناها السلطان ملكشاه ، وسبب بنائها أنه ركب للصيد ، ومعه مقدّم من مقدمي الروم كان قد لجأ إليه ، وأسلم ، وصار معه ، فهرب من ملكشاه كلب من كلاب الصيد ، فأتبعه ، فوجده في موضع القلعة ، فقال الرومي : لو أن عندنا مثل هذا الجبل لجعلناه عليه حصناً يشفع به ، فأمر ملكشاه ببنائه ، فلما انقضت أيام ملكشاه ، وصارت أصفهان بيد تركان خاتون والدة السلطان محمود استولى الباطنية عليه ، فكانوا يقولون : إن قلعة يدل عليها كلب ، ويشير بها كافر لا تكون خاتمتها إلا بهذا الشر . ومنها ألموت وهي من نواحي قزوين . قيل : إن ملكاً من ملوك الديلم كان كثير الصيد ، فأرسل عُقاباً ، وتبعه ، فرآه قد سقط على موضع القلعة ، فوجده حصيناً ، فأمر ببنائه وسماها قلعة الألموت ، ومعناها بالديلم : تعليم العقاب ، ويقال لهذا الوضع وما جاوره : طالقان وفيها قلاع حصينة أشهرها : الألموت . ومنها قلعة طبس ، وقهستان ، ومن جملتها جور ، وجوسف ، وزوزن ، وقاين ، وتون وتلك الأطراف المجاورة لها ، ومنها قلعة وسنملوه وهي بقرب أبهر . ملكوها في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، وقتل من كان بها عن آخرهم ، ومنها قلعة خالنجان وهي على خمسة فراسخ من أصفهان ، ومنها كردكوه ، وهي مشهورة ، ومنها قلعة الباطن بخوزستان ، وقلعة الطنبور ، وبينهما وبين أرجان فرسخان ، وقلعة الأوجان ، وهي بين فارس وخوزستان ، فهذا ما ملكوه من القلاع في هذه المدة القريبة .