كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 204 """"""
ذكر قتل الباطنية وسببه
كان قتلهم في سنة أربع وتسعين وأربعمائة ، وسبب ذلك أنه لما اشتد أمرهم ، وقويت شوكتهم ، وكثر عددهم شرعوا في قتل الأمراء ، والفتك بهم ، وكان أكثر من قتلوا من هو في طاعة السلطان بركياروق بأخيه محمد انبسط جماعة منهم في العسكر ، واستغووا جماعة منهم ، وأدخلوهم في مذهبهم ، وزاد أمرهم حتى كادوا يظهرون بالكثرة والقوة ، فصاروا يتهدودن من لم يوافقهم بالفتك ، وانتهى الحال إلى أن الأمراء ما بقي منهم من يجسر أن يمشي حاسراً . إلا بدرع تحت ثيابه ، حتى الوزير الأعز كان يلبس ذردية تحت ثيابهن فأشير على السلطان بالفتك بهم قبل أن يعجز عنهم ، وأعلموه ميل الناس إلى مذهبهم ، ودخولهم فيه حتى إن عسكر السلطان محمد كانوا يشنّعون ذلك عليه ، ويكبرون في المصاف على أصحابه ، ويقولون لهم : يا باطنية ، فاجتمعت هذه البواعث كلها ، فأذن السلطان في قتلهم ، وركب هو والعسكر ، وطلبوهم ، وأخذوا جماعة ممن كان وافقهم ، فلم يفلت منهم إلا من لم يعرف ، ومن جملة من اتهم : مقدّمهم الأمير محمد بن علاء الدولة صاحب مدينة يزد ، فهرب ، وسار يومه وليلته ، فلما كان في اليوم الثاني وجد في العسكر ، وقد ضل عن الطريق ، فقتل ، ونهب خيامه ، وممن قتل ولد كيقباد مستحفظ تكريت ، وقتل منهم جاو لي سقاوة في هذه ثلاثمائة رجل .
ذكر وفاة لسلطان بركياروق ووصيته لولده ملكشاه بالملك
كانت وفاته في ثاني عشر بيع الآخر سنة ثمان وتسعين وأربعمائة بأصفهان بمرض السل ، والبواسير ، وسار منها في محفة يطلب بغداد ، فلما وصل إلى بروجرد ضعف عن الحركة ، فأقام بها أربعين يوما ، فاشتد مرضه ، فلما أيس من نفسه خلع على ولده ملكشاه ، وعمره أربع سنين وثمانية أشهر ، وجعل الأمير إياز أتابكة ، وخلع على الأمراء ، واستحلفهم له ، وأمرهم بالطاعة لهما ، فحلفوا على الوفاء ، وأمرهم بالسير إلى بغداد ، فساروا ، فلما كانوا على اثني عشر فرسخا من برجرود ، وصل إليهم