كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 207 """"""
عنه ، فلم يفعلوا ، فلشدَّة ما ناله هرب منه ، ودخل بين خواص السلطان ، فرآه السلطان مذعورا ، فاستراب منه ، وقال لغلام له أن يمسكه من غير أن يعلمه أحد ففعل ، فرأى الدرع تحت ثيابه ، فأعلم السلطان بذلك ، فاستشعر السوء وقال : إذا كان أصحاب العمائم قد لبسوا الدروع ، فما ظنك بغيرهم من الجند ، ونهض وعاد إلى داره ، فلما كان في ثالث عشر . استدعى الأمير صدقة وإياز ، وجكرمش ، وغيرهم من الأمراء ، فلما حضروا أرسل إليهم : أنا بلغنا أن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش ، قصد ديار بكر ليملكها ، ويسير منها إلى الجزيرة ، وينبغي أن تجتمع أراؤكم على من يسير إليه ليمنعه ، ويقاتله ، فقال الجماعة : ليس هذا الأمير إلا الأمير إياز . فقال إياز : ينبغي أن أجتمع أنا وسيف الدولة صدقة على هذا الأمر ، فقبل ذلك استدعى السلطان ، فاستدعى إياز وصدقة والوزير سعد الملك ، فقاموا ليدخلوا عليه ، وكان قد أعدّ جماعة من خواصِّه لقتل إياز إذا دخل عليه ، فلما دخل ضرب أحدهم رأسه فأبانه ، فغطى صدقة وجه بكمِّه ، وأما الوزير فغشي عليه ، وتفرق أصحاب إياز ، وكان زوال نعمته العظيمة ودولته في مزحة مزحها غلمانه ، ولما كان الغد كفنَّه قوم من المتطوعة ودفنوه .
وكان من جملة مماليك السلطان ملكشاه ، وكان غزير المروءة ، شجاعا حسن الرأي في الحرب ، ولما قتل اختفى وزيره الصفي ، ثم أخذ وحمل إلى الوزير سعد الملك ، ثم قتل في شهر رمضان ، وسار السلطان إلى أصفهان ، فوصل إليها في شهر رمضان وأمن أهلها .
ذكر خروج منكبرس على السلطان محمد والقبض عليه
وفي المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة أظهر منكبرس ابن الملك بوزي برس بن الب أرسلان ، وهو ابن عم السلطان محمد العصيان ، والخلاف على السلطان ، وسبب ذلك أنه كان بأصبهان ، فلحقته ضائقة شديدة ، وانقطعت عنه المواد ، فسار إلى نهاوند ، واجتمع عليه بها جماعة من العسكر ، وظاهره عل أمره جماعة من الأمراء ، فتغلب على نهاوند ، وخطب لنفسه بها ، وكاتب الأمراء بني برسق يدعوهم إلى طاعته ونصرته ، وكان السلطان محمد قد قبض على أخيهم زنكن بن برسق ، فكاتب زنكي إخوته ، وحذرهم من طاعته ، وأمرهم بالتدبير في القبض عليه ، فلما أتاهم كتاب أخيهم بذلك أرسلوا إلى منكبرس يبذلون له الطاعة والموافقة ، فسار إليهم وساروا غليه ، واجتمعوا به ، وقبضوا عليه بالقرب من أعمالهم ، وهي بلد خوزستان ، وتفرق أصحابه وأتوابه إلى أصفهان ، فاعتقله السلطان مع بني عمه تكش ، وأخرج

الصفحة 207