كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 209 """"""
الصباح بقلعة الموت ، فأجيبوا إلى ذلك ، وتوجه معهم إلى قلعتي الناظر ، وطبس ، وعاد منهم من أخبر ابن غطاس بوصولهم ، فلم يسلم السن الذي بيده ، ورأى السلطان منه العذر ، فملكه ، وقتل من فيه من الباطنية ، واختلط بعضهم بمن دخل ، فسلموا ، وأسر ابن عطاش ، فتركه السلطان أسبوعا ، ثم أمر به ، فشهر في جميع البلاد ، وسلخ جلده فمات ، وحشى تبنا ، وقتل ولده ، وحملت رأساهما إلى بغداد ، وألقت زوجته نفسها من القلعة ، فهلكت . كانت مدة البلوي بابن عطاش ثنتا عشرة سنة .
ذكر القبض على الوزير وقتله ، ووزارة أحمد بن نظام الملك
وفي سنة خمسمائة قبض السلطان محمد على وزيره سعد الملك أبي المحاسن ، وأخذ ماله ، وصلبه على باب أصفهان ، وصلب معه أربعة نفر من أعيان أصحابه ، فأما الوزير ، فنسب إلى خيانة السلطان ، وأما الأربعة ، فنسبوا إلى اعتقاد مذهب الباطنية ، ثم استشار السلطان فيمن يجعله وزيراً ، فذكر له جماعة ، فقال : أن آبائي رأوا على نظام الملك البركة ، وله عليهم الحق الكبير ، وأولاده أعذياء بنعمتنا ، ولا معدل عنهم ، فاستوزر أبا نصر أحمد ، ولقب ألقاب أبيه قوام الدين نظام الملك صدر الإسلام ، وحكَّمه ، ومكَّنه ، وقوى أمره .
ذكر قتل الأمير صدقة بن مزيد
كان مقتله في سنة إحدى وخمسمائة ، وكان سبب ذلك أنه قد عظم أمره ، واشتهر ذكره ، واستجار به الأكابر من الخلفاء ، فمن دونهم ، وأجار على الخلفاء والملوك ، وكان ممن أكد أسباب دولة السلطان محمد ، وأقام في حقه ، وعضده ، وجاهر السلطان بركياروق بسببه ، فلما استوثق الأمر للسلطان محمد ، زاده على ما بيده من الإقطاع زيادة عظيمة ، منها مدينة واسط ، وأذن له في أخذ البصرة ، ثم أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسن البلخي ، وقال للسلطان : إن صدقة عظم أمره ، وكثر ادلاله ، وهو يحمي كلَّ من يفر من السلطان ، والتحق به ، ونسبه إلى مذهب الباطنية ، ولم يكن كذلك ، وإنما تشيع ، واتفق أن السلطان محمد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو صاحب ساوه ، فهرب منه ، وقصد صدقة ، واستجار به فأجاره ، فأرسل السلطان يطلبه من صدقة ، وأمره بتسليمه إلى نوابه ، فلم يفعل ، وأجاب ، إنني لأمكن منه بل أحامي عنه ، أقول ما قاله أبو طالب لقريش لما طلبوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
ونسلمه حتى تصرَّع حوله . . . ونذهل عن أبنائنا والحلائل