كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 21 """"""
إلا من جسر منه ، فرفع الجسر بأمر يمين الدولة بطم الخندق بالأخشاب والتراب ، فطموا منه ما يعبرون عليه إلى السور ، وتقدم الفيل الكبير إلى باب السور واقتلعه بنابيه ، وملك سورا بعد سور ، فطلب خلٌف الأمان ، فأمنه وحضر إليه ، فأكرمه ، وملك الحصن ، وخير خلفاً في المقام حيث شاء ، فاختار أرض الجوزجان ، فسيره إليها مكرما ، فأقام نحو أربع سنين ، ثم بلغ يمين الدولة أنه كاذب إيلك خان ملك ما وراء النهر يحثه على قصد يمين الدولة ، فنقله إلى جرذين ، فكان بها إلى أن مات في شهر رجب سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، فسلم محمود جميع ما خلفه إلى ولده أبي حفص ، وكان خلف ها من العلماء ، وله كتاب صنفه في تفسير القرآن العظيم من أكبر كتب التفاسير . وقال : ولما ملك يمين الدولة سجستان استخلف عليها أميراً كبيراً من أمرائه يسمى قنجى الحاجب ، ثم اقطعها لأخيه نصر بن سبكتكين مضافة إلى نيسابور .
والله اعلم .
ذكر غزوه بهاطية وملكها
وفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة غزا يمين الدولة بهاطيه من أعمال الهند ، وهي وراء المولتان ، وصاحبها بجراء . وهي مدينة حصينة عالية السور يحيطها خندق عميق ، فامتنع صاحبها ، ثم ظهر ، فقاتل ثلاثة أيلام ، وانهزم في اليوم الرابع ، وقصد المدينة ، فسبقه المسلمون إلى بابها ، وملكوها ، فهرب بخاصته إلى رءوس الجبال ، فجهز إليه يمين الدولة من يقاتله ، فلما رأى الغلبة قتل نفسه بخنجر ، وأقام يمين الدولة ببهاطية حتى أصلح أحوالها ، وعاد عنها بعد أن ترك بها من يثق به ، ومن يعلَّم من أسلم شرائع الإسلام ، ولقي في عوده شدة كثيرة من كثرة الأمطار ، وزيادة الأنهار ، وغرق من عسكره خلق كثير .
ذكر غزوة المولتان
وفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة بلغ يمين الدولة أن أبا الفتوح والي المولتان خبث اعتقاده ، ونسب إلى الإلحاد ، وأنه دعا أهل ولايته إلى ذلك ، فأجابوه ، فرأى أن

الصفحة 21