كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 212 """"""
وفي سنة إحدى وخمسمائة في شعبان أطلق السلطان الضرائب والمكوس ، ودار البيع ، والاجتيازات ، وغير ذلك ، مما يناسبه بالعراق ، وفيها خرج السلطان إلى أصفهان ، وكان مقامه ببغداد ، في هذه الدفعة خمسة أشهر وأربعة عشر يوما .
وفي سنة اثنتين وخمسمائة استولى مورود ، وعسكر السلطان على الموصل ، وكان جاولي سقاوة قد تغلب عليها ، فأخذت منه ، بعد حرب وحصار ، ثم عاد جاولي إلى خدمة السلطان .
وفي سنة ثلاث وخمسمائة سيَّر السلطان وزيره نظام الملك أحمد ابن نظام الملك إلى قلعة ألموت ، لقتال الحسن بن الصباح ، ومن معه من الإسماعيلية ، فحصرهم ، وهجم الشتاء عليهم ، فعادوا ، وفيها في شهر ربيع الآخر توجه الوزير نظام الملك إلى الجامع ، فوثب عليه الباطنية ، وضربوه بالسكاكين ، فجرح في رقبته ، فمرض مدة وبرأ ، وأخذ الباطني ، فسقي الخمر حتى سكر ، وسئل عن أصحابه ، فأقر على جماعة بمسجد المأمونية ، فقتلوا ، وفيها عزل الوزير نظام الملك ، واستوزر بعده الخطير محمد بن الحسين .
وفي سنة خمس وخمسمائة بعث السلطان الجيوش لقتال الفرنج ، وكانوا قد استولوا على البلاد ، ففتحوا عدة حصون للفرنج ، وقتلوا من بها منهم ، وحصروا مدينة الرُّها ، ثم رحلوا عنها .
وفي سنة تسع وخمسمائة أقطع السلطان محمد الموصل ، وما كان بيد آق سنقر البرسقي للأمير جيوش بك ، وسير معه ولده الملك مسعود بن محمد .
وفاة السلطان محمد
ذكر وفاة السلطان وشيء من أخباره وسيرته
كانت وفاته في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، وكان ابتداء مرضه في شعبان ، فانقطع عن الركوب ، وتزايد مرضه ودام ، وأرجف بموته ، فلما كان يوم عيد النحر ، حضر الناس إلى دار السلطان ، فأذن لهم في الدخول ، وجلس السلطان وقد تلكلف ذلك ، حتى أكل الناس وانصرفوا ، فلما انتصف الشهر أيس من نفسه ، فأحضر ولده السلطان محموداً وقبله وبكيا ، وأمره أن يخرج ، ويجلس على تخت السلطنة ، وينظر في أمور الناس ، وكان عمره إذ ذاك قد زاد على أربع عشرة سنة ، فقال لوالده : إنه يوم غير مبارك ، يعني من طريق النجوم ، فقال السلطان : صدقت يا بني ولكن على أبيك وأما عليك فمبارك بالسلطنة ، فخرج وجلس على تخت السلطنة وبالتاج والسوارين ، وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من الشهر أحضر الأمراء ، وأعلموا بوفاة السلطان ، وخطب لمحمود بالسلطنة .