كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 214 """"""
ذكر أخبارالسلطان سنجر
هو معز الدين عماد آل سلجوق أبو الحارث سنجر شاه برهان أمير المؤمنين ابن السلطان جلال الدولة ملكشاه ، وقد تقدم ذكر نسبه ، وكان والده سماه أحمد ، وإنما قيل له : سنجر ؛ لأنه ولد بسنجار ، فقيل له : سنجر باسم المدينة التي ولد بها ، ونعت أيضا بالسلطان الأعظم ، قال المؤرخ : ولما مات السلطان محمد كان سنجرشاه مستقر الأمر بخراسان ، وقد ذكرنا ذلك في أيام أخيه السلطان بركياروق ، وكان قد سلمها له لما فتحها ، في خامس جمادى الأولى سنة تسعين وأربعمائة ، وقد قدمنا من أخباره في أيام أخيه السلطان بركياروق ، وحروبه معه ، ما يستغني الآن عن إعادته ، فلما مات بركياروق استغل سنجرشاه بملك خراسان ، وبقي العراق وما معه بيد أخيه السلطان محمد ، على ما قدمتا ، قال : واتفق وقعتان لسنجرشاه عظيمتان ، في أيام أخويه بركياروق ومحمد نحن الآن نذكرهما . فأما الأولى : فهي واقعته مع قدر خان صاحب سمرقند وما وراء النهر ، وكانت سنة خمس وتسعين وأربعمائة ، وذلك أن قدر خان قصد خراسان ، وطمع في ملكها لصغر سن سنجر ، وجمع من العساكر ما طبق الأرض ، قيل : كانوا مائة ألف مقاتل ، وقيل : مائتي ألف عنان ، مسلمون وكفار ، وكان أمن أمراء سنجر أمير اسمه : كندغدي ، قد كاتب قدر خان بالأخبار ، وأعلمه بحال سنجر وضعفه ، واختلاف الملوك السلجقية ، وأشار عليه بالسرعة ، فبادر قدر خان ، وقصد البلاد ، فسار سنجر نحوه ليفاتله ، وكان معه كندغدي ، وهو لا يتهمه في مناصحته ، فوصل إلى بلخ في ستة آلاف فارس ، وبقي بينه وبين قدر خان مسافة خمسة أيام ، فهرب كندغدي ، والتحق بقدر خان ، فلما تدانى العسكران أرسل سنجر يذكر قدر خان العهود القديمة والمواثيق ، فلم يصغ إلى ذلك ، فأذكى سنجر عليه العيون ، وبث الجواسيس فكان لا يخفى عنه شيء من أخباره ، فأتاه من أخبره أنه قد نزل بالقثرب من بلخ ، وأنه خرج يتصيد في ثلاثمائة فارس ، فندب السلطان سنجر الأمير برغش لقصده ، فسار إليه ، فلحقه وقاتله ، فانهزم أصحاب قدر خان ، وأسر هو وكندغدي ، وأحضرهما إلى السلطان سنجر ، فأما قدر خان : فإنه قبل الأرض واعتذر ، فقال له سنجر : إن خدمتنا أو لم تخدمنا فما جزاؤك إلا السيف ثم أمر به ن فقتل ، وأما كندغيدي فإنه نزل في قناة ومشى فيها فرسخين تحت الأرض ، على ما كان به من النقرس وقتل فيها

الصفحة 214