كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 217 """"""
عبد الرزاق بن أخي نظام الملك ، ويعرف هذا الوزير بابن الفقيه ، فلم يبلغ منزلة أبي جعفر في علة الهمة ، ونفاذ الكلمة ، ثم ندم السلطان سنجر على قتل أبي جعفر ، رحمه الله تعالى .
؟
ذكر الحرب بين السلطان سنجر وبين ابن أخيه محمود بن محمد
كانت الحرب بينهما في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، وسبب ذلك أنه لما بلغ السلطان سنجر شاه وفاة أخيه السلطان محمد ، وجلوس ابنه السلطان محمود ، وهو زوج ابنة السلطان سنجر ، حزن لوفاة أخيه حزنا عظيما ، وجزع ، وتألم ألما شديدا ، وجلس للعزاء على الرماد وأغلق البلد سبعة أيام ، وتقدم إلى الخطباء يذكر أخيه السلطان محمد على المنابر بمحاسن أعماله ، من قتال الباطنية ، وإطلاق المكوس ، وغير ذلك ، وكان يلقب بناصر الدين ، فتلقب بعد وفاة أخيه بمعز الدين ، وهو لقب أخيه ملكشاه ، وعزم على قصد بلد الجبال والعراق ، وما هو بيد محمود بن أخيه ، وندم عند ذلك على قتل وزيره أبي جعفر ؛ لأنه كان يبلغ به من الأغراض ما لا يبلغه بكثرة العساكر ، لميل الناس إليه ومحله عندهم . قال : ثم أرسل السلطان إلى عمه سنجر شرف الدين أنوشروان بن خالد ، وفخر الدين طغابرك ، ومعهما الهدايا والتحف ، وبذل له النزول عن مازندران ، وحمل إليه مائتي ألف دينار في كل سنة ، فوصلا إليه وأبلغاه الرسالة ، فقال : لا بد من القتال ، وسار نحو الريّ والأمير أتسز في مقدمته ، فلما بلغ السلطان محمود مسير عمه إليه ، ووصول الأمير أتسز إلى جرجان ، تقدم إلى الأمير علي بن عمر ، وهو أمير حاجب أبيه بالمسير ، وضم غليه جمعا كثيراً من الأمراء والعساكر ، فاجتمعوا في عشرة آلاف فارس ، وساروا إلى أن قاربوا مقدمة السلطان سنجر ، وعليها الأمير أتسز ، راسله الأمير على بن عمر يعرفه وصية السلطان محمد ، بتعظيم السلطان سنجر ، والرجوع إلى رأيه وأمره ، والقبول منه ، وأنه ظن أن السلطان سنجر يحفظ السلطنة على ولده محمد ، وأنه أخذ علينا العهود بذلك ، وليس لنا أن نخالفه ، وأما حيث جئتم إلى بلادنا ، فلا نحتمل ذلك ولا نعصي عليه ، وقد علمت أن معك خمسة آلاف فارس ، وأنا أرسل إليك أقل منهم لتعلم أنكم لا تقاوموننا ولا تقومون بنا ، فلما سمع الأمير أتسز ذلك عاد عن جرجان ، ولحقه بعض عسكر محمود ، وأخذوا قطعة سواده ، وأسروا عدو من أصحابه ، وعاد الأمير علي إلى السلطان محمود ، وقد بلغ الري ، وأقام بها ، فشكره على ما كان منه ، وأشير على محمود بالمقام بالري ، وقيل له إن عساكر خراسان إذ علموا بمقامك لا يفارقون حدودهم ، ولا يتعدون ولا يتهم ، فلم يقبل ذلك ، وضجر من مقامه ، وسار ووصل إليه

الصفحة 217