كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 219 """"""
ذكر قدوم السلطان سنجر إلى الري
وفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة خرج السلطان سنجر من خرسان إلى الري في جيش كثير ، وكان سبب ذلك أن دبيس بن صدقة ، والملك طغرل ، كانا قد التحقا به ، على ما نذكره في أخبار السلطان محمود ، فلم يزل دبيس يطمع السلطان سنجر في العراق ، ويسهل عليه الأمر ، ويلقي إليه أن الخليفة المسترشد بالله ، والسلطان محمود ، قد اتفقا على الامتناع منه ، حتى أجاب إلى المسير إلى العراق ، فلما وصل الريّ كان السلطان محمود بهمذان ، فأرسل السلطان سنجر يستدعيه ، لينظر هل هو على الطاعة ، أو تغير على ما وعم دبيس بن صدقة ؟ ، فبادر إلى المسير إليه ، فلما وصل العسكر بتلقِّيه ، وأجلسه معه على التخت ، وبالغ في إكرامه ، وأقام عنده إلى منتصف ذي الحجة من السنة ، وعاد السلطان سنجر إلى خراسان .
ذكر ملك السلطان سنجر مدينة سمرقند من محمد خان وملك محمود بن محمد
وفي شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، ملك السلطان سنجر مدينة سمرقند ، وسبب ذلك أنه لما ملكها رتب فيها محمد خان ابن أرسلان بن سليمان بد داود بغراجان ، كما ذكرتاه ، فأصابه فالج ، فاستناب ابناً له يعرف بنصرخان ، وكان شجاعا ، وكان بسمرقند إنسان علوي فقيه مدرس ، إليه الحل والعقد ، والحكم في البلد ، فاتفق هو ورئيس البلد على قتل نصرخان ، فقتلاه ليلا ، وكان أبوه محمد خان غائبا ، فعظم ذلك عليه ، وكان له أخ آخر ببلاد تركستان ، فاستدعاه ، فلما قرب من سمرقند خرج العلوي ، والرئيس لاستقباله فقتل العلوي في الحال ، وقبض على الرئيس ، وكان والده أرسلان خان قد أرسل إلى السلطان سنجر يستدعيه ، ظنا منه أن ابنه لا يتم أمره مع الرئيس العلوي ، فتجهز سنجر ، وسار يريد سمرقند ، فلما ظفر ابنه بهما ندم على طلب السلطان ، فأرسل غليه يعرفه أنه قد ظفر بهما ، وأنه على الطاعة ، ويسأله العود إلى خراسان ، فغضب من ذلك ، وبينما هو في الصيد إذ رأى أثنى عشر رجلاً في السلاح التام ، فقبض عليهم وعاقبهم ، فاقروا أن محمداً خان أرسلهم ليقتلوه ، فقتلهم ، ثم سار إلى سمرقند ، فملكها عنوة ، ونهب بعضها ، ومنع من الباقي ، وتحصن منه محمد خان ببعض الحصون ، فاستنزله بأمان بعد مدة ، فلما نزل إليه أكرمه وأرسله إلى ابنته ، وهي زوجة السلطان سنجر ، فبقي عندها إلى أن توفي ، وأقام سنجر بسمرقند حتى أخذ الأموال ، والأسلحة ، والخزائن ، وسلم البلد