كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 222 """"""
الصلاة ، ويؤتون الزكاة فعاودهم قماج ، واجتمع معهم غيرهم من طوائف الترك ، فسار قماج إليهم ، في عشرة آلاف فارس ، فجاء إليه أمراء الغز ، وبذلوا له عن كل بيت مائتي درهم ، فلم يجبهم ، وشدد عليهم في الانشراح عن بلده ، فعادوا عنه ، واجتمعوا ، وقاتلوه ، وانهزم ، ونهبوا عسكره ، وأكثروا القتل في العساكر والرعايا ، واسترقوا النساء والذراري ، وعملوا كل عظيمة ، وقتلوا الفقهاء ، وخربوا المدارس ، وانتهت الهزيمة بقماج إلى مرو ، وبها السلطان سنجر ، فأعلمه الحال ، فراسلهم وتهددهم ، وأمرهم بمفارقة البلاد ، فاعتذروا وبذلوا مالا كثيرا ؛ ليكف السلطان عنهم ، ويتركهم في مراعيهم ، فلم يجبهم إلى ذلك ، وجمع عساكره من أطراف البلاد ، فاجتمع له ما يزيد على مائة ألف فارس ، وقصدهم ، ووقع بينهم حرب شديدة ، فانهزمت عساكر السلطان سنجر ، وانهزم هو في أصحابه ، وتبعهم الغز يقتلون منهم ، ويأسرون ، حتى صارت القتلى كالتلال ، وقتل علاء الدين قماج ، وأسر السلطان سنجر وجماعة من الأمراء ، فضرب الغز أعناق الأمراء ، وأما السلطان سنجر فإن أمراء الغز اجتمعوا ، وقبلوا الأرض بين يديه ، وقالوا : نحن عبيدك ، لا نخرج عن طاعتك ، ومضى على ذلك ثلاثة أشهر ، ودخلوا معه إلى مرو ، وهي كرسي مملكة خراسان ، فطلبها منه بختيار إقطاعا ، فقال له السلطان سنجر : هذه دار الملك ، ولا يجوز أن تكون إقطاعا لأحد ، فضحكوا منه ، وحبق له بختيار بفمه ، فلما رأى ذلك من فعلهم نزل عن سرير الملك ، ودخل خانقاه مرو ، واستولى الغز على البلاد ، وظهر منهم من الجور ما لم يسمع بمثله ، وولوا على نيسابور والياً فظلم الناس ، وعسفهم وضربهم ، وعلق في الأسواق ثلاث غرائر ، وقال أريد ملء هؤلاء ذهبا ، فثار به العامة ، فقتلوه ، وقتلوا من معه ، فدخل الغز نيسابور ، ونهبوها وجعلوها قاعاً صفصفا ، وقتلوا من بها ببلاد ، ولم يرفعوا السيف عن كبير ، ولا صغير ، ولم يسلم من بلاد خراسان غير هراة ودهستان ، لحصانتهما .
ذكر هرب السلطان سنجر شاه من اسر الغز
قال : كان هربه من الأسر في شهر رمضان ، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة . ولما هرب سار إلى قلعة ترمذ ، هو وجماعة كانوا معه من الأمراء ، فاستظهر بها على الغز ، وكان خوارزم شاه أتسز بن محمد ، والخاقان محمود بن محمد ، يقصدان الغز