كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 224 """"""
جميع الناس أن الجوهر الذي اجتمع عنده كان وزنه ألفا وثلاثين رجلا ، قال : وكان لسنجر مماليك اختصهم بالمحبة ، فكان يشتري أحدهم بما قام في نفسه ، ويهواه ويسعده حتى إذا بقل عذاره ، سلاه وجفاه ، وطرده ، أو قتله ؛ فمنهم سنقر الخاص ، كان لصيرفي اشتراه السلطان بألف ومائتي دولار ركنية ، وتشريف ، فبلغ مبلغا عظيما ؛ حكى عنه عبد العزيز صاحب خزائنه عن غرامه بسنقر هذا ، قال ، استدعاني السلطان ، وقال لي : أنت تعلم أن سنقر الخاص حدقتي ، التي أنظر بها ، وقلبي الذي أفهم به ، وهذه خزائني تحت يدك وحمول غزنة ، وخوارزم قد وصلت ، واريد أن تصير له سرادقا كسرادقي ، وخيلا مثل خيلي ، وتشتري له ألف مملوك يمشون في ركابه ، وتحل إقطاع من تراه ، وتضيفه إليه ، وتعمل له خزانه كخزانتي ، وأريده يكون صاحب عشرة آلاف فارس ، وحثني على ذلك ، فشرعت في ترتيبه ، وكلته ما نقلته من الخزائن ومن الجواهر والثياب ، وغير ذلك ، وأخبرت السلطان به فسره ، وشكرني عليه ، وفوض إلي أمر خزانته ، مضافا إلى الخزانة ، ولم يمض سنيات حتى احضر عذاره فسلاه السلطان ، وتمادى هو في بسطه ، وأساءت على أكابر الأمراء ، فتهدده ، فلم يلتفت ، فأمر الأمراء بقتاه إذا دخل عليه ، فقتلوه بالسيوف .
وممن بلغ عنده مبلغا لم يبلغه أحد قبله ، الأمر المغترب اختيار الدين جوهر التاجي الخادم ، كان خادما لوالدة السلطان سنجر ، فلما توفيت في شوال سنة عشر وخمسمائة انتقل إليه ، فشغف به ، وغلب حبه عليه ، وارتفع إلى حد لم يرتفع إليه غيره ، وبلغت عدة عسكره ثلاثين ألف فارس ، وكان أمره لا يرد ، وإذا ركب مشى الأمراء في ركابه ، وإذا جلس وقفوا ، حتى يأذن لهم ، وأعطاه الري ، ثم مله بعد ذلك ، وكرهه ، ودس عليه بعض الباطنية ، فقتله غيلة .
قال : ولما مات السلطان سنجر انقطع استبداد السلجقية بمملكة خراسان واستولى عليها خوارزم شاه أتسزبن محمد ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخباره . وزراؤه : العميد أبو الفتح بن أبي الليث إلى أن قتل في يوم عاشوراء سنة خمسمائة ، واستوزر بعده ولده صدر الدين محمد إلى أن قتل ببلخ ، في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى عشرة وخمسمائة . قتله قليماز مملوك السلطان ، الذي كان يهواه ، فقتله به ، واستوزر أبا جعفر محمد بن فخر الملك أبي المظفر بن

الصفحة 224