كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 24 """"""
الترك الغزية والخلج والهند والأفغانية والغزنوية ، وخرج عن بلخ ، فعسكر على فرسخين منها بمكان فسيح ، وقدم إيلك خان ، وقدر خان في عساكرهما ، ونزلوا بإزائه ، واقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل ، فلما كان الغد برز بعضهم لبعض ، فاقتتلوا ، فاعتزل يمين الدولة على نشر مرتفع ينظر إلى الحرب ، ونزل عن دابته ، وعفرَّ وجهه على الصعيد تواضعا لله تعالى ، وسأل النصر والظفر ، ثم حمل بفيلته على قلب عسكر إيلك خان ، فأزاله عن مكانه ووقعت الهزيمة ، وتبعهم أصحاب يمين الدولة يقتلون ، ويأسرون ، ويغنمون ، إلى أن عبروا النهر . وأكثر الشعراء القول في تهنئة يمين الدولة بهذا الفتح ، وذلك في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة .
ذكر غزوه الهند وعوده
قال : ولما فرغ يمين الدولة من حرب الترك بلغه أن بعض أولاد ملوك الهند وأسمه نواسد شاه ، وكان قد اسلم على يد يمين الدولة ، واستخلفه على بعض ما افتتحه من بلادهم ارتد عن الإسلام ، وعاد إلا الكفر ، فسار إليه مجدا ، فحين بلغ الهندي قربه فر من بن يديه ، واستعاد يمين الدولة البلاد ، واستخلف عليها بعض أصحابه ، وعاد إلى غزنة في السنة المذكورة .
ذكر غزوة بهيم نغز وما غنمه من الأموال وغيرها
وفي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة استعد يمين الدولة لغزو الهند وسار في شهر ربيع الآخر من السنة ، فانتهى إلى شاطئ نهر ويهند ، فلاقاه هناك ابرهمن نال بن آننديال في جيوش الهند ، فاقتتلوا مليا في النهار ، وكادت الهند تظفر بالمسلمين ثم كان الظفر للمسلمين ، فانهزم الهند على أعقابهم ، وأخذهم السيف ، وتبع يمين الدولة الملك حتى بلغ بهيم نغر ، وهي على جبال عال كان الهند قد جعلوها خزانة لصنمهم الأعظم ، فينقلون إليها أنواع الذخائر قرنا بعد قرن ، وهم يرون ذلك تقربا لآلهتهم وعبادة ، فقاتلهم عليها ، وحصرها ، ووالي الحصار ، فلما رأى الهنود كثرة جموعه ، وشدة قتاله جبنوا ، وطلبوا الأمان ، وفتحوا باب الحصن ، فملكه المسلون ، فصعد يمين الدولة إليه في خواص أصحابه وثقاته ، فأخذ من الجواهر ما لا يحدّ ، ومن الدراهم تسعين ألف ألف درهم شاهية ، ومن الأواني الذهب والفضة سبعمائة ألف