كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 26 """"""
قصد المسير إليه رجع عن ذلك إبقاءً لمودة إيلك خان ، فلما فسد ما بينهما سار إليها في جمادى الأول من السنة ، فسبق خبره ، فلم يشعر صاحبها إلا وعسكر يمين الدولة قد أحاط به ليلا ، فطلب الأمان ، فأجابه غليه ، وأخذ منه ما كان قد اجتمع عنده من المال ، وأقره على ولايته وعاد . وفي سنة ثلاث وأربعمائة كانت وفاة إيلك خان ، وولاية أخيه طغان حان ، وكان قد تجهز للعود إلى خراسان لقتال يمين الدولة . فلما مات طغان خان راسل يمين الدولة ، وتصالحا ، واتفقا أن كلا منهما يستقل بغزو من يليه من الكفار ، فكان يمين الدولة يقاتل الهند ، وطغان حان يقاتل الكفار .
ذكر فتح نادرين
وفي سنة أربع وأربعمائة سار يمين الدولة إلى الهند ، فسار شهرين حتى قارب مقصده ، فسمع عظيم الهندبه فجمع ، وبرز إلى جبل صعب المرتقي فاحتمى به ، وطال المسلمين ، وكتب إلى الهنود ، فاجتمع إليه كل من حمل السلاح ، فلنا تكاملت عدته نزل من الجبل والتقوا ، واقتتلوا ، واشتد القتال ، فهزمهم المسلمون ، وأكثروا فيهم القتل ، وغنموا ما معهم من مال وفيلة وسلاح . ولما عاد إلى غزنة أرسل إلى القادر بالله يطلب منه منشورا وعهداً بولاية خراسان وما بيده من الممالك ، فكتب له ولقب نظام الدين .
ذكر غزوة تانيشر
قال : وذكر ليمين الدولة أن بناحية تانيشر فيلة من جنس فيلة الصليمان الموصوفة بالحرب ، وأن صاحبها غال في الكفر ، فعزم على غزوه ، فسار في سنة خمس وأربعمائة ، فلقي في طريقه أودية بعيدة القعر وعرة المسالك ، وقفارا فسيحة الأطراف قليلة المياه ، فقاسي شدة ، ومشقة عظيمة ، فلما قارب المقصد لقي نهراً شديد الجرية صعب المخاضة ، وقد وقف صاحب تلك البلاد على طرفه يمنع من عبوره ومعه عساكره وفيلته التي كان يدلُّ لها ، فأمر يمين الدولة شجعان عساكره بعبور النهر ، ففعلوا ذلك ، وشغل الهنود بالقتال عن حفظ النهر ، فما كان إلا وقد عبر سائر العسكر ، وقاتلوهم من جميع جهاتهم إلى آخر النهار ، فانهزم الهنود ، وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والفيلة ، وعاد إلى غزنة .