كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
ذكر قتل خوارزم شاه وملك يمين الدولة خوارزم
وفي سنة سبع وأربعمائة قتل خوارزم شاه أبو العباس مأمون بن مأمون . وسبب ذلك انه كان قد ملك خوارزم الجرجانية ، وحضر عند يمين الدولة ، وتزوج أخته ، ثم بعث إليه يمين الدولة أم يخطب له على منابر بلاده ، فأجابه إلا ذلك ، واستشار أمراءه ، فغضبوا من ذلك ، وامتنعوا منه ، وتهددوه بالقتل إن فعل ، فعاد الرسول إلى يمين الدولة ، وأخبره بما شاهده ، ثم خافه الأمراء فقتلوه غيلة ، ولم يعلم قاتله ، وأجلسوا أحد أولاده مكانه ، وتعاهدوا على قتال يمين الدولة إن قصدهم ، واتصل الخبر به ، فجمع العساكر ، وسار نحوهم والتقوا ، واشتدت الحرب ، فثبت الخوارزمية إلا نصف النهار ثم انهزموا ، فأخذهم بالسيف ، ولم يبق منهم إلا القليل ، وجمع من اسر منهم وسيرهم إلى أطراف بلاده الهند ، وملك يمين الدولة خوارزم ، واستناب بها حاجبه التونتاش .
ذكر غزوة قشمير وقنوج وغيرهما من الهند
وفي سنة سبع وأربعمائة أيضا بعد فراغ يمين الدولة من خوارزم سار إلى غزنة ، ثم منها إلا الهند عازما على غزو قشمير ، واجتمع له من المتطوعة من بلاد ما وراء النهر وغيره نحو عشرين ألف مقاتل ، وسار من غزنة إليها مسيراً دائما في ثلاثة أشهر ، وعبر نهر سيحون ، وجيلم ، وهما نهران عميقان شديدا الجرية ، ووطئ أرض الهند ، وأتته رسل ملوكها بالطاعة ، وبذل الإتاوة ، فلما بلغ درب قشمير أتاه صاحبها وأسم من شهر رجب ، وفتح ما خولها من الحصون المنيعة ، حتى بلغ حصن هودب ، وهو أحد ملوك الهند فنظر هودب من أعلى حصنه ، فرأى من العساكر ما هاله ، فعلم أن لا ينجيه إلا الإسلام ، فنزل في نحو عشرة آلاف ينادون بكلمة واحدة الإخلاص ، فاقبل عليه يمين الدولة وأكرمه وسار عنه إلى قلعة كلجند ، وهو من أعيان الهند ، وكان على طريقه غياض ملتفة لا يقدر السالك على قطعها إلا بمشقة ، فسير كلجند عساكره وفيلته إلى أطراف تلك الغياض يمنعون من سلوكها ، فترك يمسن الدولة عليهم من يقاتلهم ، وسلك طريقا مختصرا إلا الحصن ، فلم يشعروا به إلا وهو معهم ، فقاتلهم

الصفحة 27