كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 29 """"""
على أطراف البلاد ، فسأل طغان خان الله تعالى أن يعافيه لينتقم منهم ، ويحمي البلاد ، ثم يفعل به ما يشاء ، فعافاه الله تعالى ، فجمع العساكر واستنفر جميع بلاد الإسلام ، فاجتمع له من المتطوعة مائة ألف وعشرون ألف مقاتل ، فلما بلغ الترك ذلك رجعوا ، فسار خلفهم نحو ثلاثة أشهر ، فأدركهم وهم آمنون ، فكسبهم ، وقتل منهم زيادة على مائتي ألف رجل وأسر نحو مائة ألف ، وغنم من الدواب ، والخركاهات ، والأواني الذهبية والفضية ، ومعمول الصين مالا عهد بمثله ، وعاد إلى بلاساغون ، فعادوه المرض ، فمات رحمه الله تعالى . وكان عادلا خيرّا دنيا يحب العلم وأهله ، ويميل لأهل الدين ، ويصلهم ويقربهم . ولما مات ملك بعده أخوه أبو المظفر أرسلان خان ، ولقبه شرف الدولة ، فخالف عليه قدر خان يوسف بن بغراخان هارون بن سليمان ، وكان ينوب عن طغان خان بسمرقند ، وكاتب يمين الدولة يستنجده على أرسلان ، فعقد يمين الدولة على نهر جيحون جسرا من السفن ، وضبطه بالسلاسل وعبر عليه ، ولم تكن تعرف الجسور قبل ذلك هناك ، فلما عبر النهر اتفق قدرخان وأرسلان خان وتعاقدا على قصد بلاد يمين الدولة واقتسمها ، فعاد يمين الدولة إلى بلاده ، وسار قدرخان وأرسلان خان إلى بلخ والتقوا بيمين الدولة واقتتلوا قتالاً شديدا كان الظفر فيه ليمين الدولة عليهما ، فعادا وعبرا جيحون ، وكان من غرق منهم أكثر ممن نجا .
ذكر أخبار قدر خان وأولاده
كان قدرخان يوسف بن بغراخان هارون بن سليمان عادلاً حسن السيرة كثير الجهاد ، فمن فتوحه ختن ، وهي بلاد بين الصين وتركستان ، كثيرة العلماء والفضلاء واستمر إلى سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة ، فتوفي . وكان يديم الصلاة في الجماعة . ولما توفي ملك أولاده بعده ، واقتسموا البلاد ، فملك أبو شجاع أرسلان خان ، ولقبه شرف الدولة ، كاشغر ، وختن ، وبلاساغون . وخطب له على منابرها . قبل : ولم