كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 30 """"""
يشرب الخمر قط . وكانِّ ديناً مكرماً للعلماء وأهل الدين يقصدونه من كل جهة ، ويصلهم ويحسن إليهم .
وملك بغراخان بن قدرخان طراز وأسبيجاب فقصد أخاه أرسلان خان وحاربه ، وأسره وحبسه إلى أن مات . وملك بلاده ، ثم عهد بغراخان بن قدرخان بالملك لولده الأكبر واسمه حسين جغرتكين . وكان لبغراخان امرأة له منها ولدٌ صغير ، فغاظها ذلك فسمّت بغراخان ، فمات هو وعدّة من أهله ، وخنقت أخاه أرسلان خان بن قدرخان ، وذلك في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ، وقتلت وجوه أصحابه ، وملّكت ابنها واسمه إبراهيم ، وسيرّته في جيش إلى مدينة برسخان ، وصاحبها ينالتكين ، فظفر به ينالتكين وقتله ، وانهزم عسكره إلى أمه واختلف أولاد بغراخان ، فقصدهم طفغاج خان .
ذكر ملك طفغاج خان وولده
هو أبو المظفر إبراهيم بن نصر بن إيلك ، ويلقب عماد الدولة ، كان بيده سمرقند وفرعانه ، وكان أبوه زاهدا متعبداً ، وهو الذي ملك سمرقند ، وورثها طفغاج هذا منه ، وكان طفغاج متديّناً لا يأخذ مالاً حتى يستعنّي العلماء ، وورد عليه أبو شجاع العلوي الواعظ . وكان من الزهّاد ، فوعظه ، وقال : إنك لا تصلح للملك ، فأغلق طفغاج بابه ، وعزم على ترك الملك ، فاجتمع عليه أهل البلد ، وقالوا : قد أخطأ الواعظ ، والقيام بأمورنا متعيّن عليك ، ففتح بابه ، واستمر في الملك إلى سنة ستّين وأربعمائة ، ففلج ، ثم مات . وكان في حياته قد جعل الملك في ولده شمس الملك نصر ، فقصده أخوه طغان خان بن طفغاج ، وحصره بسمرقند ، فاجتمع أهلها إلى شمس الملك ، وقالوا له : إن طغان خان قد خرب ضياعنا وأفسدها ، ولو كلن غيره ساعدناك عليه ، ونحن لا ندخل بينكما ، فوعدهم المناجزة ، وخرج من البلد نصف الليل في خسمسمائة غلام ، فكبس أخاه ، وهو غير متحِّفظ فهزمه ، وكان هذا وأبوهما باق ، ثم قصده هارون بن بغراخان بن قدر خان ، وطغرل قراخان . وكان طفغاج خان قد استولى على ممالكهما ، فقصدا سمرقند فلم يظفرا بشيء ، فصالحا شمس