كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
يؤمنه ، ولم يقع ، منه بغير الإسلام ، فسار ثم قتله بعض الهنود ، ولما بلغ ذلك ملوك الهند تابعوا رسلهم إلى يمين الدولة يبذلون الطاعة والإتاوة ، وسار بعد الوقعة إلى بارى وهي من أحصن البلاد ، فرآها قد خلت من سكانها ، فأمر بهدمها ، وعشرة قلاع معها ، وقتل من أهلها خلقا كثيرا ، وسار يطلب بيدا ، فلحقه ، وقد نزل إلى جاني نهر ، وأجرى الماء بين يديه ، فصار وحلا ، وترك عن يمينه وشماله طريقا يبسا يقاتل فيه إذا أراد القتال ، وكان عدة من معه ستة وخمسين ألف فارس ومائة ألف وأربعمائة وثمانين ألف راجل وأربعين فيلا ، فأرسل يمين الدولة طائفة من عسكره للقتال فأخرج إليهم بيدا مثلهم ، ولم يزل كل عسكر يمدُّ أصحابه حتى كثر الجمعان ، واشتدت الحرب ، ودام القتال حتى حجز بينهما الليل ، فلما كان الغد بكر يمين الدّولة للقتال ، فرآهم قد فارقوا موضعهم ، وانهزموا ، وركب كل فرقة منهم طريقاً ، ووجدوا خزائن الأموال والسلاح بحالها ، فغنم المسلمون جميع ذلك ، واقتنى آثار من انهزم ، فاكثر فيهم القتل والأسر ، ونجا بيدا وعاد يمين الدولة إلى غزنة .
ذكر فتح قلعة من بلاد الهند
وفي سنة أربع عشرة وأربعمائة أو عل يمين الدّولة في بلاد الهند ، فغنم وقتل حتى وصل إلى قلعة في راس جبل منيع ليس يصعد إليه إلا من طريق واحد ، وفيها خمسمائة فيل ، وغلات كثرة ، ومياه ، فحصرها يمين الدّولة ، ودام الحصار ، وضيَّق عليهم ، وقتل منهم كثيرا ، فطلبوا الأمان ، فأمَّنهم ، وأقر ملكها فيها على خراج يؤخذ منه ، وأهدى له هديا كثيرة ، وقيل إن هذا الملك هو كابلى ، وهو صاحب ألف فيل ، وكان فيما أهداه فيلة حوامل ومراضع ، وطائر على هيئة القمري جلبابه أدكن ، وعيناه ومنقاره حمر ، وجناحاه مخططان بسواد ، ومن خاصيتهَّ انه إذا حضر على راس الخوان ، وكان في الطعام سمٌّ دمعت عيناه ، وجرى منهما ماء ، ويتحجر فإذا اخذ ذلك الحجر ، وحكَّ وطلى به الجراحات الواسعة ألحمها وإن كان في البدن نصل تعسَّر إخراجه ، قوبل به ، فيجذبه حتى يمكن إخراجه ، فقيل هديتَّه ، وأقرَّه على وجهته ، وعاد غزنة مؤيدا منصورا