كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 35 """"""
فهزمهم ، وغنم مالهم ، وامتار من عندهم ، وسار حتى بلغ الواره ، وهي على مرحلتين من سومنات ، وقد ثبت أهلها ظنا منهم أن سومنات يمنعهم ، ويدفع عنهم ، فاستولى عليها ، وقتل رجالها ، وغنم أموالها ، وسار عنها ، فوصل إلى سومنات في يوم الخميس منتصف ذي القعدة ، فرأى حصنا حصينا على ساحل البحر تبلغه أمواحه ، وأهله على الأسوار ينظرون المسلمين ، فلما كان الغد ، وهو يوم الجمعة زحف ، وقاتل حتى قارب السور ، فصعده المسلمون . هذا والهنود تتقدم إلى سومنات ، وتعِّفر وجوهها في الأرض وتسأله النصر ، واستمر القتال إلى الليل ، ثم بكر المسلمون إليهم ، وقاتلوهم ، فأكثروا في الهنود ، وأزاحوهم عن المدينة ، فالتجئوا إلى بيت صنمهم ، فقاتلوا على بابه أشد قتال ، فكان الفريق منهم بعد الفريق يفرون إلى الصنم ، فيستغيثون به ، ويبكون ، ويتضرعون إليه ، ويخرجون ، فيقاتلون إلى أن يقتلوا حتى كاد الفناء يستوعبهم وبقي منهم شرذمة دخلوا البحر في مركبين لهم ، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضهم وغرق بعضهم . وأما البيت الذي فيه سومنات ، فإنه مبني على ست وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص ، وسومنات حجر طوله خمسة أذرع ، ثلاثة مدوَّرة ظاهرة ، وذراعان في البناء ، وليس هو بصورة مصّورة ، فكسره يمين الدولة ، وأحرق بعضه ، وأخذ بعضه معه إلى غزنة ، فجعله عتبة لباب الجامع ، وكان بيت الصنم مظلما ، وإنما كان الضوء فيه من قناديل الجوهر ، وكان عنده سلسلة ذهب فيها جرس وزنها مائتا منٍّ كلما مضت طائفة من البراهمة من عبادتهم حركوا الجرس ، فتأتي طائفة أخرى ، وعنده خزانة فيها عدة كثيرة من الأصنام الذهب والفضة وعليها الستور المرصعة بالجوهر . كل منها منسوب إلا عظيم من علماء الهند ، وقيمة ما في البيوت يزيد على عشرين ألف دينار ، فأخذ الجميع وكانت عدة القتلى تزيد على خمسين ألف قتيل ، ثم ورد الخبر على يمين الدولة أن نهيم صاحب أنهلوارة قصد قلعة تسمى كندهة ، في البحر على بينها وبين البر من جهة سومنات أربعون فرسخا ، فسار يمين الدولة من سومنات ، فلما حاذى القلعة رأى صيادين ، فسألهم عن خوض البحر هناك ، فقالوا إنه ممكن ، ولكن إذا تحرك الهواء غرق من فيه ، فاستعان بالله تعالى ، وخاض هو ومن معه ، فسلموا ، فرأوا نهيم قد فارق القلعة ، وأخلاها ، فعاد عنها ، وقصد المنصورة ، وكان صاحبها قد