كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 38 """"""
تقريبا ، ومدة سلطنته ثلاثا وثلاثين سنة وشهرين ، وكان مرضه سوء مزاج وإسهال ، وبقي كذلك نحو سنتين ، وكان قوي النفس لم يضع جنبه في مرضه بل كان يستند إلى مخدته ، وكان يجلس للناس طرفي النهار ؛ ولم يزل كذلك حتى توفي قاعداً ، وكان عاقلاً دينِّا خيِّرا عنده علم ومعرفة ، وصنِّف له كثير من الكتب في فنون العلوم ، وقصده العلماء من أقطار البلاد ، وكان يكرمهم ويقبل عليهم ويصلهم ، وكان علي الهمة ، وقد نظرنا من فتوحه وغزواته ما يستدل به على ذلك ، ولم يكن فيه ما يعاب إلا طمعه في الأموال ، فكان على أخذها بكل طريق ، وهو الذي جدد المشهد بطوس الذي فيه قبر علي بن موسى الرضا ، والرشيد ، وكان أبوه قد أخربه . وقال : وكان يمين الدولة ربعة القامة ، وحسن الوجه ، صغير العينين ، أحمر الشعر .
ذكر سلطنة محمد بن محمود
وهو الرابع من ملوك الدولة الغزنويه . ملك بعد وفاة أبيه في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة بوصية من أبيه . وقال : وهو أصغر من أخيه مسعود ، وكان عند وفاة أبيه ببلخ ، فخطب له من أقاصي الهند إلى نيسابور ، ولقِّب جلال الدولة ، فأرسل إليه أعيان الدولة يستدعونه ، ويحثونه على الوصول إليهم ، ويخيفونه من أخيه مسعود ، فسارا إلى غزنة ، فوصلها بعد وفاة أبيه بأربعين يوما ، واجتمعت العساكر على طاعته ، ففرق فيهم الأموال .
خلع جلال الدولة محمد
وملك أخيه مسعود بن محمود كان سبب أن يمين الدولة لما توفي كان ابنه مسعود بأصفهان ، فكتب إلى أخيه محمد يقول لا : إنني راض بما أوصي لي به أبي ، وبما فتحته من بلاد طبرستان والجبل وأصفهان وغيرهما ، وطلب منه الموافقة وأن يقدمه في الخطبة على نفسه ، فأجابه بجواب غبر مرضي ، فسار مسعود إلى الري وأحسن إلى أهلها ، ثم سار إلى نيسابور وفعل مذل ذلك ، وأما محمد فإنه استحلف عساكره ، وجعل عمه يوسف