كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 39 """"""
على مقدمة جيشه ، وسار إلى مسعود . وكان بعض عساكر مجمد يميل إلى مسعود لشجاعته ، وبعضهم يخشى سطوته ، فلما همّ محمد بالركوب من داره وقعت قلنسوته من رأسه ، فتطير الناس من ذلك . وسار إلى ان وصل إلى تكينا باد في مستهل شهر رمضان من سنة إحدى وعشرين ، وأقام بها إلى ان عيّد . فلما كان ليلة الثلاثاء ثالث شوال ثار به جنده ، فاخذوه وحبسوه ونادوا بشعار مسعود ، وكان الذي يسعى في ذلك ورتَّبه خشاوند الحاجب باتفاق ومساعدة من عمه يوسف ، وأرسلوا إلى مسعود فحضر ، والتقته العساكر إلى هراه . وسلَّموا إليه الأمر ، فكان أول ما بدأ به أن قبض على الحاجب وقتله ، ثم قبض بعد ذلك على عمه يوسف ، ثم على جماعة من أعيان القواد في أوقات متفرقة . وكان اجتماع الملك له ، واتفاق الكلمة عليه في ذي القعدة م السنة ، ووصل إلى غزنة في ثاني جمادى الآخرة سنة اثنين وعشرين وأربعمائة ، وأتته بها رسل الملك من سائر الأقطار ، واجتمع له الملك خراسان وغزنة وبلاد الهند والسند ، وسجستان وكرمان ، ومكران ، والري ، وأصفهان ، وبلد الجبل ، وغير ذلك ، وعظم سلطانه ، وجيف جانبه .
ذكر مسيره إلى الهند وما فتحه بها
وفي سنة أربع وعشرين وأربعمائة بلغ السلطان مسعود أنَّ أحمد نيالتكين النائب بالهند خرج عن طاعته واستولى على البلاد ، فسار إلى الهند ، وعاد النائب إلى الطاعة ، وفتح في سفرته هذه قلعة سرستي وهي من أحصن القلاع ، وكان تعذَّر فتحها على أبيه ، ففتحها في سنة خمس وعشرين . ثم سار إلى قلعة مقسي ، فوصل إليها في عاشر صفر ، وحصرها ووالى الحصار ، فخرجت عجوز ساحرة ، فتكلمت باللسان الهندي طويلا ، وأخذت مكنسة فبلتها بالماء ، ورشت به إلى جهة العسكر ، فمرض مسعود واشتد به المرض ، فرحل عن البلد فصح وعاد إلى غزنة .
ذكر مخالفة نيالتكين النائب بالهند ومقتله
وفي سنة ست وعشرين وأربعمائة خالف أحمد نيالتكين النائب بالهند على السلطان مسعود ، ونزع يده من الطاعة ، واظهر العصيان ، فسيّر إليه مسعود جيشا كثيفا فقاتلهم ، وانهزم منهم ، وقصد بعض ملوك الهند ببهاطيه ، ومعه جمع كثير من