كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 40 """"""
عساكره الذين سلموا ، وطلب منه سفنا ليعبر بهم السند ، فاحضر إليه السفن ، وأمرهم أن يلقوه في جزيرة في وسط النهر ، فألقوه بها وهو يظن أنها متصلة بالبر ، فأقام بها تسعة أيام إلى أن نفذت أزوارهم ، وأكلوا دوابهّم ، وعجزوا عن خوض الماء لعمقه ، فعبر الهندي إليهم في السفن وقتل وأسر ، فعندها قتل أحمد نفسه ، واستوعب أصحابه القتل والأسر .
وفي سنة ثلاثين وأربعمائة ، التقى الملك مسعود والسلجقية ببلاد خراسان ، ووقع بينه حروب كان الظفر لمسعود ، وفتح قلعة خراسان ، واخرج طغرلبك من بلاد خراسان إلى البرية ، وكان آخر الحرب بينهم في سنة إحدى وثلاثين .
ذكر القبض على السلطان وقتله وشيء من سيرته
وفي سنة اثنين وثلاثين وأربعمائة في شهر ربيع الأول جهّز السلطان ولده مودودا إلى خراسان في جيش كثيف ، لرد السلجوقية عنها ، وسار مسعود بعد سبعة أيام إلى بلاد الهند ليشتي بها على عادة والده ، واستصحب معه أخاه محمدا وكان قد سمله ، فلما عبر سيحون وعبر بعض الخزائن جمع أنوشتكين البلخي الخصي الغلمان الداريّة ، ونبوا ما تخلف من الخزائن ، وأقاموا أخاه محمدا ، وقاتلوا مسعود ، فانهزم وتحصن في بعض الحصون ، فحصروه أخوه محمد ، فقالت له أمه : إن هذا المكان لا يعصمك ، لأن تخرج إليهم بعهد خير لك من أن يأخذوك قهرا ، فخرج إليهم ، فقال له أخوه : وأمه لا قاتلتك بفعلك ، ولكن اختر لنفسك جهة تكون فيها بحريمك وأولادك ، فاختار قلعة كيدي ، فأنفذه إليها ، وأرسل مسعود إلى أخيه محمد يطلب منه مالاً ينفقه ، فأعطاه خمسمائة درهم ، فبكى وقال : بالأمس وحكمي على ثلاثة آلاف حمل من الخزائن ، واليوم لا أملك ألف درهم ، فأعطاه الرسول ألف دينار فقبلها ، ثم اتفق أحمد بن السلطان محمد ، وابن عمه يوسف ، وابن علي خشاوند على قتل مسعود فدخلوا عليه ، وقتلوه فأنكر محمد ذلك ، وساءه ، فكانت مدة سلطنة مسعود عشر سنين وخمسة شهور تقريبا ، وكان شجاعاً كريما ذا فضائل كثيرة ، يحب العلماء ويحسن إليهم ، ويتقرب إلى خواطرهم ، وصنفوا له التصانيف الكثيرة في فنون العلوم ، وكان كثير الصدقة ، تصدَّق مرة في شهر رمضان بألف ألف درهم ، وأكثر الإدرارات

الصفحة 40