كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 43 """"""
وفاته بغزنة ، وعلَّته القولنج ، وملك بعده ولده ، فبقي في الملك خمسة أيام ، ثم عدل الناس عنه إلى عمِّه علي بن مسعود ، وكان مودود لما ملك قبض على عمِّه عبد الرشيد ابن محمود ، واعتقله بقلعة مندين بطريق بست ، فلما توفي مودود كان وزيره قد قارب القلعة بعساكر جردها مودود معه لقتل السلجقية ، فنزل عبد الرشيد من القلعة إلى العسكر ، ودعاهم إلى طاعته ، فأجابوه ، وسار بهم إلى غزنة ، فهرب عّلي بن مسعود ، وملك عبد الرشيد ، ولقب شمس الله سيف الدولة ، وقيل جمال الدولة .
ذكر مقتل عبد الرشيد
كان مقتله في سنة أربع وأربعين وأربعمائة ؛ وسبب ذلك أن طغرل الحاجب مودود قد نوه بذكره ، وقدّمه وزوّجه أخته ، فلما توفي مودود ، وملك عبد الرشيد استمر به على ما كان عليه ، وجعله حاجب حجّابه ، فأشار طغرل على عبد الرشيد بقصد الغز ، وإخراجهم من خراسان ، فتوقف استبعاداً لذلك ، فلم يزل به حتى جهز معه ألف فارس ، فسار نحو سجستان ، وبها أبو الفضل نائبا عن بيغو ، فحاصر قلعة طاق أربعين يوما ، فلم يتهيأ له أن يملكها ، فسار نحو مدينة سجستان ، فاتصل خبره ببيغو ، فخرج في عساكره إليه ، فلما رآه بيغو استقلَّ من معه ، فسيَّر إليه طائفة من أصحابه ، فلم يعرِّج طغرل عليهم ، بل اقتحم هو ومن معه على تلك الطائفة التي كانت خرجت لقتاله ، فهزمهم ، وغنم ما معهم ، وانهزم بيغو إلى هراة ، ودخل طغرل الحاجب سجستان ، وملكها ، وكتب إلى عبد الرشيد يعلمه بذلك ويستمد ليسير إلى خراسان ، فأمده بعدَّة كثيرة من العساكر ، فاشتد أمره بهم ، وحدث نفسه بالاستيلاء على غزنة ، فأحسن إلى من معه ، واستمالهم فمالوا إليه ، فاستوثق منهم ورجع بهم إلى غزنة ، فلما صار على خمسة فراسخ منها كتب إلى عبد الرشيد يعلمه ان العسكر خالفه ، وطلبوا الزيادة في العطاء ، وانهم عادوا بقلوب متغِّيرة ، فلما وقف على ذلك جمع أصحابه ، واستشارهم ، فحذَّروه من طغرل ، وقالوا ، إن الأمر قد أعجل عن الاستعداد ، وليس