كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 45 """"""
وداوم الزحف ، فملكها في الحادي والعشرين من صفر ، وفتح غيرها من الحصون في هذه السنة . فمن ذلك قلعة رومال ، وموضع يقال له : دره نوره ، وكان به أقوام من الخراسانية جعل أجدادهم فيع فراسياب التركي ، ولم يعترضهم أحد من الملوك ، فدعاهم إلى الإسلام فامتنعوا عليه ، وقاتلوه ، فظفر بهم وأكثر فيهم القتل ، وتفرق من سلم منهم في البلاد ، وسبي من النساء والصبيان مائة ألف ، وفي هذه القلعة حوض قطره نصف فرسخ لا يدرك قعره ، ويشرب منه أهل القلعة ودوابهم ، ولا يظهر فيه نقص وفتح درة وهي بين جبلين والسبيل غليها متعذر ، فوصلها في جمادى الأولى وأقام بها ثلاثة أشهر ، وافتتحها وعاد إلى غزنة .
ذكر وفاة إبراهيم وشيء من سيرته
كانت وفاته في سنة إحدى وثمانين أربعمائة ، وكانت مدة ملكه تزيد على ثلاثين سنة ، وكان عادلاً كريماً مجاهداً ، وكان ذا رأى سديد ، فمن رأيه أن السلطان ملكشاه السلجقي قصد غزنة بعساكره وجنوده ، فلما علم إبراهيم عجزة عنه كتب إلى جماعة من أمرائه يشكرهم ، ويعدهم الجميل على تحسينهم لصاحبهم ، قصد بلاده ليتم له ما اتفقوا عليه من قبضه ، وأمر القاصد أن يتعرض إلى ملكشاه ، فتعرض له ، فأنكره ملكشاه ، وقبض عليه وقرره بالضرب ، فأعطاه الكتب بعد امتناع ، فعاد من طرقه ، وكتم ذلك عن أمرائه خوفا من الخلاف عليه . وكان يكتب بخطه في كل سنة مصفحاً ، ويبعثه إلى مكة مع الصدقات والصِّلات ، ولما مات ملك بعده ابنه .
ذكر ملك علاء الدولة أبي سعد جلال الدين مسعود بن إبراهيم
وهو الثاني عشر من ملوك الدولة الغزنوية . وملك غزنة وما معها بعد وفاة إبراهيم أبيه في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة . وهو زوج ابنة السلطان ملكشاه السلجقي ، واستمر ملكه إلى سنة ثمان وخمسمائة فتوفي في شوال منها بغزنة ، لم أظفر بشيء من أخباره فأورده ، ولما مات ملك بعده ولده