كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
من نبغ وظهر اسمه الحسين بن الحسين بن الحسن . وكان قد ملك قبله بلاد الغور محمد بن الحسين ، وكان قد صاهر بهرام شاه صاحب غزنة ، فعظم شأنه بمصاهرته وعلت همته ، فجمع جموعا كثيرة ، وسار إلى غزنة ليملكها ، واظهر الخدمة والزيارة لبهرام شاه وهو يريد المكر فعلم به بهرام شاه ، فقبض عليه وسجنه ثم قتله ، فعظم قتله على الغورية ولم يمكنهم الأخذ بئأره لتمكن الدولة الغزنوية ، ثم ملك بعد محمد أخوه سام بن الحسين ، فمات بالجدري ، وملك بعده محمد أخوه سام بن الحين بلاد الغور ، وقوي امره ، وتمكن في مملكته ، فجمع العساكر ، وسار إلى غزنة طالبا لثأر أخيه محمد ، فلما وصل إليها وملكها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، فارقها بهرام شاه إلى بلاد الهند ، وجمع جموعا كثيرة ، وعاد إلى غزنة ، وكان عسكر غزنة الذين أقاموا مع سوري قلوبهم مع بهرام شاه ، فلما التقوا انضم عسكر غزنة إلى بهرام وسلَّموا إليه سوري وذلك في المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة ، فصلبه بهرام شاه ، وكان سوري هذا من الملوك الأجواد الكرام ، حتى إنه كان يرمي الدرهم بالمقاليع ليتوصَّل بذلك إلى راحة الفقراء ، ثم ملك بعده أخوه الحسين ابن الحسين هذا بلاد الغور ومدينتها فيروز كوه ، فسار في سنة خمس وأربعين إلى مدينة هراة وحصرها ، وكان أهلها قد كاتبوه ، وطلبوه ليسلوها له هربا من ظلم الأتراك ، فلما حاصرها امتنع أهلها عليه ثلاثة أيام ، ثم سلموها له ، فدخلها واظهر طاعة السلطان سنجر ابن ملكشاه السلجقي .
ذكر الحرب بينه وبين السلطان سنجر
وفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة كانت الحرب بين علاء الدين الحسين صاحب الغور وبين السلطان سنجر السلجقي ؛ وسبب ذلك أن علاء الدين هذا قوي أمره ، فكثرت أتباعه ، وتلقت وتعرّض إلى أعمال غزنة ، وسار إلى بلخ ، فملكها ، فسار إليه السلطان سنجر فثبت له ، واقتتلوا ، فانهزمت الغوريّة ، وأسر علاء الدين ، وقتل من أصحابه خلق كثير ، واحضر بين يدي السلطان ، فقال له : ياحسين لو ظفرت بي ما كنت تصنع ؟ فأخرج له قيداً من الفضة ، فقال له : كنت أقيدك بهذا ، وأحملك إلى مدينة فيروزكوه . فخلع السلطان عليه ، ورده إلى فيروزكوه .

الصفحة 49