كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 50 """"""
ذكر ملكه غزنة وخروجه عنها ، وقتل أخيه
قال : ولما أطلقته السلطان سنجر أقام بفيروز كوه مدة حتى اجتمع له أصحابه ، وأصلح ما تشعّث من حال عسكره وقصد غزنة ، وملكها يوم ذاك بهرام شاه ، فلم يثبت له وفارقها إلى مدجينة كرمان . وهي مدينة بين غزنة والهند ، وليست كرمان المشهورة بل غيرها ، وملك علاء الدين غزنة ، واحسن السيرة في اهلها ، واستعمل عليهم أخاه سيف الدين ، وأجلسه على تخت المملكة ، وخطب لنفسه ولأخيه سيف الدين عده ، ثم عاد علاء الدين إلى الغور ، وأمر أخاه أن يخلع على أعيان البلد خلعاً نفيسة ، ويصلهم بصلات سنية ، ففعل ذلك وأحسن إليهم ، فلما جاء الشتاء ووقع الثلج ، وعلم أهل غزنة أن الطريق قد انقطع بينهم ، وبين الغور كاتبوا بهرام شاه واستدعوه ، فسار نحوهم في عسكره ، فلما قارب البلد ثار أهلها على سيف الدين ، فأخذوه بغير قتال ، وانهزم من كان معه ، فمنهم من نجا ومنهم من اخذ ثم سودّوا وجه سيف الدين ، وأركبوه بقرة ، وطافوا به البلد ، ثم صلبوه ، وهجوه بالأشعار ، وغنى بها حتى النساء ، ثم توفِّي بهرام شاه ، وملك بعده ابنه خسروشاه ، فتجهز علاء الدين إلى غزنة في سنة خمسين وخمسمائة ، فسار خسروشاه إلى لهاوور وملك علاء الدين البلد ، ونهبها ثلاثة أيام ، وأخذ الذين أسروا أخاه ، وهم من العلويين ، فألقاهم من شواهق الجبال ، وأخرب المحلَّة التي صلب فيها أخوه ، وأخذ النساء الذين تغنين بجهو أخيه ، فأدخلهن حماما ، ومنعهم الخروج حتى متن فيه ، وأقام بغزنة حتى أصلحها ، ثم عاد إلى فيروزكوه وتلقب بالسلطان المعظم وحمل الجنر على عادة السلجقية .
ذكر خروج غياث الدين وشهاب الدين ابني أخي علاء الدين الحسين على عمهما وموافقته
قال : لما قوي أمر عمهما علاء الدين استعمل العمال والأمراء على البلاد ، فكان ممن استعمل غياث الدين أبو الفتح محمد ، وأخوه شهاب الدين أبو المظفر محمد ابنا سام ، على بلد من بلاد الغور ، فأحسنا السيرة في أعمالها ، واستمالا قلوب الناس ، فانتشر ذكرهما ، فسعى بهما إلى عمهما من حسدهما ، وأهمه أنهما يريدان الوثوب به ، وقتله ، والاستيلاء على ملكه ، فأرسل يستدعيهما فامتنعا ، وكان قد علما الخبر ، فجهز إليهما عسكر عمهِّما ، وقطعا خطبة ، فتوجه