كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 51 """"""
إليهما وسارا إليه ، والتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً ، فانهزم عسكر علاء الدين ، وأخذ أسيراً ، فأجلساه على التخت ، ووقفا في خدمته ، ونادوا في عسكره بالأمان ، فبكى عند ذلك ، وقال : هذان صبيان قد فعلا ما لو قدرت عليه منهما لم أفعله ، وأحضر القاضي ، وزوج غياث الدين بنتاً له ، وجعله ولي عهده بعده ، وبقي إلى أن مات ، وكان وفاته في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وخمسمائة .
ذكر ملك سيف الدين محمد بن علاء الدين بن الحسين بن الحسين
وهو الثاني من الملوك الغورية . وملك وفاة أبيه ، وأطاعه الناس ، وراسل الملوك وهاداهم ، واستمَّر إلى أن قتل في شهر رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وذلك أنه جمع عساكره وحشد فأكثر وسار أنه خرج جريدة في جماعة من خاصته ، فسمع به الغز فركبوا وأوقعوا به فقتل .
وكان ملكا عادلاً حسن السيرة ، فمن ذلك أنه لما ملك هراه أراد عسكره نهبها ، فنزل على درب المدينة ، وأحضر الأموال والثياب ، وفرقها في عسكره ، وقال : هذا خير من نهب أموال الناس ، فإن الملك يبقى على الكفر ولا يبقى على الظلم . ورحمه الله تعالى .
ذكر ملك محمد بن سام ابن الحسين بن الحسن
وهو الثالث من الملوك الغورية . وكان استقلاله بالملك بعد وفاة ابن عمه سيف الدين في شهر رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وخطب له في الغور ، وغزنة ، منه ملك الغز وغزنة منه ، وبقيت بأيديهم خمسة عشر سنة يصبون على أهلها العذاب ، ويتابعون الظلم ، هذا غياث الدين يحسن السيرة في رعيته ، والناس يشكون إليه حالهم ، وهو يدبر ملكه إلى أن قوي أمره ، وكثرت أتباعه ، واشتد بأسه .
ذكر ملك غياث الدين غزنة
قال : ولما قوي غياث الدين ، وتمن في ملكه ، وزاد طغيان الغز ، وأذاهم للناس ، جهز جيشا كثيفا مع أخيه شهاب الدين إلى غزنة ، وفيه أصناف الغورية ، والخراسانية ، والخلج ، فساروا إليها ، فلقيهم الغز واقتتلوا ، فانهزمت الغورية أولاً ، ثم

الصفحة 51