كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 57 """"""
شهاب الدين أنه لا يستمر له ملكها إلا بمقامه بها لأنها من أعظم البلاد ، فصالح على مال في العاجل والآجل ، وسلمها لصاحبها ولما توجه شهاب الدين إلى الهند عاد خوارزم شاه إلى البلاد ، واسترجعها من أيدي غياث الدين ، وهرب هندرخان منه ؛ وذلك في بقية سنة سبع وتسعين وسنة ثمان وتسعين .
ذكر وفاة غياث الدين وشيء من سيرته
كانت وفاته في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، فأخفيت وفاته ، وكان أخوه شهاب الدين بطوس ، وقد عزم على قصد خوارزم ، فاتاه الخبر بوفاة أخيه ، فعاد إلى هراة ، وجلس للعزاء في شهر رجب ، وخلف غياث الدين من الولد ابنه محمودا ، وكان غياث الدين مظفرا في حروبه لم تنهزم له راية ، وكان قليل المباشرة للحروب ، وغنما كان له ذكر ومكائد ، وكان جوادا ، كريما ، حسن الإعتقاد ، كثير الصدقات ، والأوقاف ، بنى المساجد ، والمدارس بخراسان للشافعية ، وبنى الخانكاهات ، واسقط المكوس ، وكان عفيفا عن أموال الناس ، ومن مات في بلاده ولا وارث له تصدق بما يخلِّفه ، ومن مات من التجار وله أهل بغير بلاده ، سلَّم ما له لرفقته من التجار ، فان تعذر ذلك سلمه للقاضي إلى أن يصل مستحقَّه ، وكان إذا وصل إلى بلد عمَّ أهله بإحسانه ، سيما الفقهاء وأهل الفضل ، فإنه يخلع عليهم ، ويصلهم ، ويفرض لهم الأعطيات في كل سنة من خزائنه ، وكان يراعي من يقصده من العاويين ، ويجزل صلاتهم وكان حين الخط ، ذا فضل وبلاغة ، وكان ينسخ المصاحف بخطه ، ويوقفها في المدارس التي أنشأها ، ولم يظهر منه تعصب لمذهب على مذهب ، وكان يميل إلى الشافعية لأنه متمذهب بمذهب الشافعي من غير أن يطمعهم في غيرهم ، ولا يعطيهم ما ليس لهم . رحمه الله تعالى .
ذكر استقلال شهاب الدين بالملك وما فعله مع ورثة أخيه
استقل شهاب الدين الغوري بالملك بعد وفاة أخيه غياث الدين في شهر رجب سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، وولى ابن أخيه محمودا مدينة بست ، ولقبه أبيه ، وجعله عن الملك بمعزل ، ولم يحسن الخلافة عليه بعد أبيه ، ولا على غيره من أهله ، فمن جملة ما فعله أن غياث الدين كان له زوجة مغنية ، فلما مات أخذها