كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
فرجع إلى رأيه ، وراسله ، فقبل صاحب خراسان ذلك منه ، وشرط عليه شروطا منها : حمل الأموال ، والطاعة ، وغير ذلك ، فشرع أسفار بعد تمام الصلح في بسط الأموال على الريَّ وأعمالها ، وجعل على كل رجل ديناراً إلا أهل البلد ، والمحاربين ، فحصّل من ذلك مالا عظيما أرضى منه صاحب خراسان بالبعض ورجع عنه ، وعظم أمر أسفار ، وزاد تجبره ، وقصد قزوين بما في من أهلها ، فأوقع بهم ، وأخذ أوالهم ، وقتل كثيرا منهم ، وسلط الديلم عليهم ، وسمع المؤذن يؤذن ، فأمر بإلقائه من المنارة إلى الأرض ، فاستغاث الناس من شره وظلمه . وخرج أهل قزوين إلى الصحراء : والرجال ، والنساء ، والولدان يتضرعون إلى الله تعالى ، ويدعون عليه ، ويسألون الله تعاى كشف ما بهم ، فبلغه ذلك ، فضحك وسبهم استهزاء بهم ، فقابله الله تعالى في الغد من نهار الدعاء عليه بما سنذكره .
ذكر مقتل أسفار بن شيرويه
كان سبب قتله أن مرادويج كان اكبر قواده ، وكان قد أرسله إلى سلار صاحب سميران الطَّرم يدعوه إلى طاعته ، فلما وصل إليه مرادويج تشاكيا ما الناس فيه من الجهد والبلاء ، فتعاقدا ، وتحالفا على قصده ، والتساعد على حربه ، وكان أسفار قد وصل إلى قزوين ، وهو ينتظر وصول مرادويج بكتابه ، فكتب مرادويج إلى جماعة من القواد يثق بهم يعرفهم ما اتفق هو وسلار عليه ، فأجابوه إلى ذلك ، وكان الجند قد سئموا أسفار ، وسوء سيرته ، وظلمه ، وجوره ، وكان الوزير مطرف بن محمد ، ممن أجاب مرادويج ، ووافقه ، فسار مرادويج نحو أسفار ، فبلغه الخبر ، وأحس بالشر وثار الجند به ، فهرب في جماعة من خاصته ، وذلك عقب حادثة أهل قزوين ، ودعائهم عليه . فورد الريّ ، وأراد أن يأخذ من مال من كان بها ، فمنعه نائبه المقيم بها ، ولم يعطه غير خمسة آلاف دينار ، فتركه ، وانصرف إلى خراسان وأقام بناحية بيهق . وأمّا مرداويج ، فإنه وصل إلى قزوين ، وسار منها إلى الري ، وكتب إلى ما كان بن كالى ، وهو بطبرستان يستدعيه ليتساعدا على أسفار ، فسار ما كان إلى أسفار ، فسار أسفار

الصفحة 6