كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 63 """"""
الناس كرهوا منه أنَّه كان كرَّاميا ، وكانوا يميلون إلى غياث الدين ، فأنف الأمراء من خدمة علاء الدين مع وجود ابن سلطانهم ، وكان علاء الدين هذا قد احضر الناس ، وحلفهم انهم يساعدونه على قتال خوارزم شاه ، وبهاء الدين صاحب باميان ، لوم يذكر غياث الدين احتقارا له ، فحلفوا له ولولده من بعده ، هذا وغياث الدين بمدينة بست لم يتحرك انتظارا لما يكون من صاحب باميان لأنهما كانا قد تعاهدا في أيام شهاب الدين أن تكون خراسان لغياث الدين ، وغزنة والهند لبهاء الدين صاحب باميان ، وبعد موت شهاب الدين ، فلما بلغه ما اتفق من وفاة بهاء الدين وإخراج أولاده من غزنة جلس على التخت ، خطب لنفسه ، وتلقب بألقاب والده ، وكتب إلى علاء الدين محمد بن أبي علي ، وهو بفيروزكوه يستدعيه ، ويستعطفه ليصدر عن رأيه ، ويسلم مملكته إليه ، وكتب إلى الحسن بن حرميل وإلى هراة مثل ذلك ، فأما علاء الدين فأغلط له في القول ونهدّد الامراء الذين مع غياث الدين ، فسار غياث الدين إلى فيروزكوه ، فارسل علاء الدين عسكرا مع ابنه ، وفرق فيهم اموالا جمة ليمنعوا غياث الدين ، فلقوه بالقرب من فيروزكوه ، فلما تراءى الجمعان كشف إسماعيل الخلجي المغفر عن رأسه وقال : الحمد لله إذ الأتراك لم يعرفوا أباهم لم يضيعوا حق التربية ، وردّوا ابن السلطان ملك باميان ، وأنتم مشايخ الغورية الذين لنعم عليكم والد هذا السلطان وربَّاكم ، كفرتم إحسانه ، وجئتم لقتال ولده أهذا فعل الأحرار ، فقال محمد المرغني ، وهو مقدم العسكر : لا والله وترجل عن فرسه ، وألقى سلاحه ، وقصد غياث الدين ، وقبل الأرض بين يديه ، وبكى بصوت عال ، وفعل سائر الغورية مثل فعله ، فانهزم خواص علاء الدين مع ولده ، فلما بلغه الخبر خرج عن فيروزكوه هارباً نحو الغور ، وهو يقول : أجاور بمكة ، فأنفذ غياث الدين خلفه من العسكر من أدركه ، فاخذ وحبس ، وملك غياث الدين فيروزكوه ، وفرح به أهل البلد ، وقبض على جماعة من الكرّاميّة أصحاب علاء الدين ، فقتل بعضهم ، وسكن دار أبيه ، وأعاد رسومه ، وسلك سبيل العدل والإحسان ، ثم لم تكن له همة إلا في أمر الحسن بن حرميل ، وملاطفته ، فتكررت المكاتبات منه إليه ، وابن حرميل يغالطه في الجواب ، ويطاوله ، وكان ابن حرميل قد كتب إلى خوارزم شاه بالانحياز إليه ، وبذل الطاعة ، وأنه يسلم إليه هراة ، فكان بن حرميل إلى خوارزم شاه ، وملكه ما كان للغورية بخراسان ، والله أعلم بالصواب .
عود علاء الدين وجلال الدين ابني بهاء الدين سام

الصفحة 63