كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 64 """"""
ذكر عود علاء الدين وجلال الدين ابني بهاء الدين صاحب باميان إلى غزنة
قال : لما فارق علاء الدين غزنة على الصِّفة التي ذكرنا ها ، والتحق بباميان ، شرع في الاستعداد وجمع العساكر لقصد غزنة ، واما الدز ، فانه استولى على غزنة ، واحسن إلى الناس ، وبسط العدل والإنصاف ، ولم يخطب لنفسه ولا لغيره ، وكان يعد النا ، ويقول : إن رسولي عند مولاي غياث الدين ، فغذا عاد خطبت له ، فتمسك الناس بقوله ، وغنما كان يفعل ذلك مكرا وخديعة بهم بغياث الدين لأنه كان يضعف من مقاومة صاحب باميان ، وكانوا كذلك إلى خامس ذي القعدة سنة اثنتين وستمائة ، فينما الناس على ذلك إذ ورد عليهم الخبر أن صاحب باميان قد جمع الجيوش ، واقبل بها ، وعزم على نهب غزنة ، فجهز الدز جيوشا كثيفا من عسكره ، وسيرهم إلى طريق صاحب باميان ليمنعوه من الوصول إلى غزنة ، فلم يكن لهم قبلٌ به ، فلما التقوا قتل من الأتراك جماعة ، وانهزم من سلم ، وتبعهم علاء الدين يقتل ويأسر ، فخرج الدز من غزنة هارباً إلى كرمان ، فنزل علاء الدين غزنة ، واتبع الدز إلى كرمان ، فملكها ، وأمن أهلها ، وعزم على العود إلى غزنة ، ونهبها ، فراسله رسول الخليفة ، وشفع في اهلها ، فشفَّعه فيهم بعد مراجعات ، ثم وصل علاء الدين وجلال الدين إلى غزنة ، ومعها ما بقي من الخزانة التي كان الدز قد اخذها من الوزير مؤيد الملك ، فكانت تسعمائة حمل ، وفيها من الثياب المنسوجة بالذهب اثنا عشر ألف ثوب ، وقصد علاء الدين أن يستوزر مؤيد الملك ، فسمع جلال الدين بذلك فأحضره ، وخلع عليه ، واستوزره ، فغضب علاء الدين من ذلك ، وقبض على مؤيد الملك ، وقيده وحبسه ، فتغيرت نيّات الناس ، واختلف علاء الدين ، وجلال الدين ، واقتسما ما كان في الخزانة وجرى بينهما مشاحَّة في القسمة لا يجري بين التجار ، فعلم الناس أنه لا يتم لهما أمر ، ولا يستقيم لهما دولة ، وعاد جلال الدين ببعض العسكر إلى باميان ، واستقر علاء الدين بغزنة ، فأساء وزيره عماد الملك السيرة في الأجناد والرعية ونهب أموال الأتراك حتى باع أمهات الأولاد .
ذكر عود تاج الدين الدز إلى غزنة
قال : ولما انفرد علاء الدين بغزنة ، وأقام بها جمع الدز جمعا كثيرا من الأتراك ، وعاد إلى كرمان ، وبها عسكر لعلاء الدين مع أمير يقال له المؤيد ، وكان المؤيد قد

الصفحة 64