كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
ملك بعده شهاب الدين محمد بن سام ، ثم اضطرب أمر الدولة الغورية بعده ، فملك علاء الدين ، وجلال الدين ابنا بهاء الدين سام صاحب باميان ، ولم تطل مدتهما . وإنما ذكرناهما في عدد الملوك الغورية ، لأنهما استوليا إلى غزنة ، وخطب لهما بها ، وملك غياث الدين محمد ، وكانت دولته في غاية الاضطراب كما ذكرنا .
؟
ذكر أخبار تاج الدين الدز وما كان من أمره بعد مقتل غياث الدين
استقبل تاج الدين الدزبملك غزنة بعد مقتل غياث الدين محمودن وأحسن السيرة في الرعية ، ودام ملكه بها إلى أن ملكها السلطان علاء الدين خوارزمشاه محمد بن رتكش في سنة ثنتي عشرة وستمائة على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخبار الدولة الخوارزمية ، ولما ملكها خوارزم شاه هرب تاج الدين الدز من غزنة ، وسار إلى مدينة لهاوور ، واستولى عليها من صاحبها ناصر الدين قباجة وهو من المماليك الشهابية بعد حرب كانت بينهما انتصر فيها الدز ، ثم سار من مدينة لهاوور إلى الهند ليملك ما بيد المسلمين منها ، فلقيه شمس الدين الترمش مملوك قطب الدين أيبك ، وكان قد ملك بعد وفاة مولاه ، فاقتتلا قتالا شديدا ، أجلت الحرب عن قتل تاج الدين الدر ، وكان محمود السيرة في ولايته ، كثير العدل والإحسان إلى رعيته ، لا سيما التجار الغرباء ، ومن محاسن أعماله ومكارم أخلاقه وحلمه أنه كان له أولاد ، ولهم مؤدِّب يعلمهم القرآن فضرب أحدهم ، فمات ، فأحضره الدز ، وقال له : يا مسكين ما حملك على ما فعلت ، فقال : والله ما أردت إلا تأديبه ، فمات . فقال له : صدقت ، وأعطاه نفقة ، وقال له : تغيّب ، فإن أمه لا تقدر على الصبر ، وربما أهلكتك ، ولا أقدر أمنعك ، وهذا نهاية الحلم ، ولم يشتهر الأحنف بن قيس بالحلم أكثر من هذا ، وكان القاتل ابن أخيه ، وهذا أجنبي رحمه الله تعالى .

الصفحة 68