كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 73 """"""
يقتله ، فقتله في الحبس ، ورمى رأسه إليه ورميت جثَّته في دجلة ، وأطلق عند ذلك سائر بني حمدان ، وما منهم ، إلا من له ذكر وتقدم ، وإنما خصصنا عبد الله والحسين بالذكر دون غيرهما من إخوتهما لاشتهارهما في الدولة العّباسية ، وتقدمهما ، ولأنهما وليا جلائل الأعمال ، وتقدما على الجيوش في الحروب . وقد تقدم من أخبارهما في الدولة العباسية ما يستدل به على تقدمهما وشجاعتهما ، وذكرنا أيضاً في أخبار الخوارج بالموصل كيف كان ظفر الحسين بهارون الخارجي الذي كانت فتنته قد عمت ، فلنذكر الطبقة الثانية منهم ، وهم أولاد عبد الله بن حمدون .
ذكر أخبار ناصر الدولة
هو أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان ابن حمدون . لما قتل والده كان يخلفه بالموصل وأعمالها ، فتقدم في خدمة الدولة العباسية ، وتنقل في الولايات إلى أن تولى الموصل في أيام الراضي بالله ، وتغلب عليها في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة لما ضعفت الدولة العباسية ، فندب ابن مقلة الوزير إليه عمه أبا العلاء سعيد بن حمدان ، وولاه الموصل ، وأمره بالقبض على ناصر الدولة ، فلما قرب من الموصل ، خرج ناصر الدولة لتلقيه ، فخالفه سعيد ، ودخل البلد ونزل داره ، وقبض على خزائنه ، فبلغه الخبر فرجع عجلا ، ودخل الدار ، وقبض على عمه ، وأمر بعض الغلمان بعصر مذاكيره ، فعصرت حتى مات ، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ، فاتصل الخبر بابن مقلة ، فتجهز في العساكر الخليفية ، وسار من بغداد إلى الموصل لخمس خلون من شعبان ، وكان ناصر الدولة لدهائه ومكره لا يصافف من يقصده ، فلما بلغه خبر مسير بن مقلة ، رفع أمواله وخزائنه وحرمه إلى قلعة الموصل ، وجعل فيها من خواص غلمانه من يدفع عنها ، ثم خرج من الموصل في عسكره ، وأخرج معه كل تاجر في البلد ، ولم يترك بالموصل علوفة ولا قوتا إلا رفعه إلى القلعة ، فوصل الوزير بن مقلة إلى الموصل ، وهي بهذه الصفة ، فأقام بحال سيئة ، وبعث بالعساكر مع علي بن خلف بن طيَّاب في طلب ناصر الدولة ، فسار خلفه ودخل ناصر الدولة إلى أرمينية ، فعاد ابن طياب ولم يتبعه ، وطال المقام على ابن مقلة ، ونفدت الأقوات ، فقلد الموصل لعلي بن خلف ، وقلد جزيرة ابن عمر لما كرد