كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
الخالدية ، فأوقع بهم وخرج أبو وائل وتمادي الأمر على ذلك ، ثم وقع الصلح على مال بذله الحسن ، وعاد ناصر الدولة إلى الموصل لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر منها ، واستمر إلى سنة ثلاثين وثلاثمائة ، والله أعلم بالصواب .
ذكر ولاية ناصر الدولة امرة الأمراء بالعراق
كان سبب ذلك أن أبا الحسن بن البريدي لما ملك بغداد ، وهرب المتقي لله إلى الموصل ، ومعه أمير الأمراء أبو بكر بن رائق ، واستنجد بناصر الدولة ، فقتل ناصر الدولة ابن رائق في شهر رجب سنة ثلاثين وثلاثمائة كما قدمنا ذكر ذلك في أخبار الدولة العباسية ، فرد المتقي لله تدبير الدولة إلى ناصر الدولة وساروا جميعاً إلى بغداد ومع ناصر الدولة أخوه سيف الدولة ، فانهزم البريديون من بين يديه ، وتولى ناصر الدولة إمرة الأمراء ، ونعته المتقي بهذا النعت ، ونعت أخاه : سيف الدولة ، وخلع عليهما . وذلك في شوال سنة ثلاثين وثلاثمائة ، وزوج المتقي لله ولده أبا منصور بابنة ناصر الدولة ، وضرب ناصر الدولة السكة عياداً لم يضرب قبله مثله إلا السندي ، وزاد على نقش السكة محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو أول من فعل ذلك ، وأقام ببغداد ثلاثة عشر شهراً ، ثم اجتمعت الأتراك ، وقدَّموا عليهم توزون ، وهو بواسط ، وسيف الدولة في عسكره معهم ، وبلغ ناصر الدولة قيام الأتراك فسار إلى الموصل صحبة المتقي ، وأمر أخاه سيف الدولة بمناصبة الأتراك ، فكبسه توزون ليلا ، فانهزم إلى الموصل ، ثم راسل توزون المتقي في الصلح فأجاب ، ورجع فكان من أمره والقبض عليه وسمله ما قدمناه .
وأقام ناصر الدولة بالموصل لا يتعرض لبغداد إلى أن ملكها معز الدولة بن بويه الديلمىّ ، فتحرك إليها في جمادى الآخرة سنة أربعٍ وثلاثين وثلاثمائة ، وحاصر معز الدولة بن بويه حتى كاد يأخذه ، ثم رجع عنها في صورة منهزم وامتنع من حمل المال ، فتجهز معز الدولة إلى الموصل لقتاله ، فرفع أمواله إلى القلعة ، ولم يترك في البلد قوتا ولا علوفة البتَّة وبقي في خيل جريده . فلما قرب معز الدولة إلى الموصل فارقها ناصر الدولة ، وسار فكان تارة بنصيبين وتارة بآمد وتارة ببلد ، ونزل معز الدولة قصر ناصر الدولة ، وأقام بالموصل ، فنفدت الأزواد فبعث بغالاً تقلّه مع سراياه إلى القري لتحصل الأقوات والعلوفات ، ففَّرق عند ذلك ناصر الدولة بنيه ، وهم

الصفحة 75