كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 76 """"""
ثمانية كل منهم تزيد مماليكه وغلمانه على خمسمائة رجل ، فكانوا لا يجدون سرية إلا هزموها ، ولا قافلة إلا نهبوها ، فإذا خرج معز الدولة في طلبهم تكشفوا بين يديه ، ويخلفه ناصر الدولة إلى الموصل ، فيأخذ ما يجد بها من الأموال ، ويرفعه إلى القلعة ، وإن وجد أحداً من قواده سجنه بها ، فكان هذا دأبه إلى أن استقر الصلح بينه ، وبين معز الدولة في سنة خمس وثلاثين . وفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة في شهر رجب ملك معز الدولة ابن بويه الموصل ، وفارقها ناصر الدولة إلى نصيبين ، فتبعه معز الدولة ، ففارقها ، وبعث أولاده إلى الموصل لقتال من فيها ، فرجع إليهم معز الدولة ، فانكشفوا بين يديه ، فسار إلى بلد ، واجتمع ناصر الدولة بأولاده ، وسار إلى الموصل ، فأسروا من أصحاب معزِّ الدولة الذين تركهم بها نيفا وسبعين قائداً : فقيِّدهم ناصر الدولة ، وحملهم إلى القلعة ، ومعهم ستمائة من الجند ، ووجد مائة وثلاثين بدرةً لمعزِّ الدولة ، فأخذها ، وخرج من الموصل ومضى إلى حلب ، وأقام عند أخيه سيف الدولة ، ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن تم الصلح بين معزِّ الدولة بن بويه وسيف الدولة ، وأبي تغلب بن ناصر الدولة على إطلاق الأسري وردِّ ثمانين بدرة ، فأجاب إلى ذلك ناصر الدولة ، ورجع معز الدولة إلى بغداد ، وعاد ناصر الدولة إلى الموصل ، ولم يزل بها مالكاً لها من غير منازع إلى أن قبض عليه ولده .
ذكر القبض على ناصر الدولة ووفاته
وفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة في ليلة الثلاثاء لست بقين من جمادى الأولى ، قبض عدة الدولة أبو تغلب فضل الله على والده ناصر الدولة ، وهو نائم بعد أن شاخ وكبر ، فحمله على فراشه إلى قلعة الموصل ، واعتقله بها ، فكان بها إلى أن مات ، وكانت وفات في يوم الجمعة وقت العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، فكانت مدة تغلّبه نحواً من ثلاث وثلاثين سنة ، سوى ولاية الموصل قبل ذلك .
وكان له من الأولاد عشرة وهم : عدة الدولة الغضنفر أبو تغلب فضل الله ، وكان قد ولاّه الجزيرة ، وأبو المظفر حمدان ولاه نصيبين . وأبو الفوارس محمّد ولاه الموصل ، وأبو القاسم هبة الله ولاه بلد ، وأبو طاهر إبراهيم ولاه سنجار ، وأبو المرجّى جابر . وأبو البركات لطف الله ، وأبو المطاع ذو الرنين ، وأبو عبد الله الحسين .