كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 78 """"""
الثغور ، من غير أداء مال عن شيء مما بيده من الأعمال ؛ لأنه كفى المسلمين أمر الروم نحواً من أربعين وقعة له وعليه . وكان بعيد الهمة شجاعاً يلقى الأمور بنفسه .
وكان شاعره أبو الطيب المتنبي يمدحه في كل غزاة ، ويذكر وقائعه ، فكان الدمستق يقول : بلينا بشاعر كذاَّب ، وأميرٍ خفيف الركاب وكان لسيف الدولة خمسمائة غلام أقران لهم بأس شديد ، إذا حمل بهم في جيش حزقه . وكان سنه عند ولايته خمس عشرة سنة ، فظهرت شجاعته . وكان أديباً فاضلاً وله شعر ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر ، ومن جملة غزواته أنه خرج غازياً في ذي القعدة سنة ست وعرين وثلاثمائة ، فانتهى إلى حصن دادم وسار إلى حصن زياد ، فشارف فتحه ، وأقام عليه تسعة أيام ، فوافاه الدمستق في مائتي ألف ، فانكفأ راجعاً يريد شمشاط ، وخيول الروم تسايرة ، فلما كان يوم النحر وصل إلى موضع بين حصنى زياد ، ودادم وسلام ، فوقف ، وأقبلت عساكر الروم ، فناجرهم القتال ، فهزم الله الروم ، وأسر سيف الدولة منهم سبعين بطريقاً ، ولم يزل القتل والأسر فيهم إلى الليل ، وأخذ سرير الدمستق وكرسيه . ولسيف الدولة مع الروم وقائع كثيرة مشهورة ذكرها كثير من المؤرخين تركناها لاشهارها .
وفي سنة ثلاثين وثلاثمائة . ملك سيف الدولة مدينة حلب ، وانتزعها من يد أحمد بن سعيد الكلابّي صاحب الإخشيد ، واتفق خروج العدوّ إلى تلك النواحي ، فسار إليهم ، وأوقع بهم وقعة عظيمة ، فاعتصموا منه بجبل منيع ، فصعد إليهم ، فكان منهم من ألقى نفسه من الجبل فمات ، وغنم منهم غنيمة عظيمة . ولما بلغ الإخشيد ذلك أنفذ عسكره مع كافور ، فهزمهم سيف الدولة ، ودخل حمص وأعمالها ، فملكها وسار إلى دمشق ، ودخلها ، فكاتبه الإخشيد ، وبذل له الموادعة بعد أن بذل له أن يمل إله من المال نظير ما كان يحمل لابن رائق ، فم