كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 80 """"""
وكان الدمستق قد أخرب الحدث في سنة سبع وثلاثين ، فسار إليه سيف الدولة ، ونزل به في يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين ، فحطّ الأساس ، وحفر أوله بيده ، وحفر الناس وأقام إلى أن بناه ووضع بيده آخر شرافة منه لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رجب من السنة . وفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة . ورد على سيف الدولة من سائر الثغور طرسوس ، وأذنة ، والمصيصة رسل نوابه ، ومعهم رسول ملك الروم في طلب الهدنة ، فهادنهم ، ولم يزل سيف الدولة في ملكه يوماً له ويوماً عليه إلى أن كبرت سنه . وضعف في آخر عمره واضطرب أمر دولته .
ذكر اختلال دولته واستيلاء الدمستق على حلب ، وما أخذه من أموال سيف الدولة
قال : ولما كبر سيف الدولة وضعفت قدرته لمرض لحقه في آخر عمره فلج منه نصفه ، وتفرقت عنه البوادي وتقاعد عنه المسلمون ، وفسد ما بينه وبين ابن الزيات أمير الثغور من قبله ، واشتغل عنه أخوه ناصر الدولة بحرب معز الدولة ، فلم ينجده ، فقويت الروم ، واستولى الدمستق على الثغور ، ثم قصد حلب في حشد عظيم من الروم والأرمن ، فلم يشعر به سيف الدولة إلا وقد أطلَّ على البلد ، فقاتله سيف الدولة ، وحمل بنفسه وغلمانه وابن أخيه هبة الله بن ناصر الدولة حتى كاد أن يؤخذ ، فانهزم ، وملك الروم دالاه بظاهر حلب وكان ذرعها ستة آلاف ذراع ، وأخذ منها ما لا يحصى من الأموال ، فكان من جملة ما أخذ مائة بدرةٍ ذهباً ، ومائتا بدرة من الورق ، وثلاثمائة حمل من البزّ الفاخر ، وخمسون حملاً من الديباج ، ومن أواني الذهب والفضة ما لا يحصى كثرة ، ومن الخيل ثمانمائة فرس ، ومن البغال ألفا جمل ، ونقل سقوف الدار معه .
وكان نزوله على حلب في يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، وفتح البلد في يوم الثلاثاء ، وأقام فيه إلى يوم الثلاثاء الكائن بعده ، وتحصن أهل حلب في القلعة بما أمكنهم من الأموال ، واستولى

الصفحة 80