كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
ناصر الدولة ، وتوعدَّه إن لم يفعل ، فغضب لذلك ، وفسد الحال بينهما ، وجرت بينهما أمور يطول شرحها ، فجهز أبو تغلب جيشاً لقتال أخيه ، وجعل عليه أخاه أبا البركات ، فكان له معه حروب ووقائع ، آخرها أن أبا المظفر حمدان ظفر بأخيه أبي البركات ، وضربه على رأسه ، فسقط إلى الأرض ، فأخذه أسيراً واستباح سواده ، وانقسم عسكره بين مستأمن إلى حمدان ، وأسير ، وقتيل ، ثم انكفأ حمدان إلى قرقيسياء ليعالج أخاه من ضربته ، فمات أبو البركات بعد أيام فأنقذه حمدان في تابوت إلى الموصل ، واستحكمت عند ذلك العداوة بين بني حمدان ، وبين أخيهم أبي تغلب . واختلف باقي الأخوة ، وكانوا متفرقين في أعمالهم فاحتال أبو تغلب على أخيه محمد ، وكان والياً على نصيبين حتى قبض عليه ، وذلك في شعبان سنة ستين وثلاثمائة واعتقله في قلعة أردمشت ، فلم يزل بها حتى هرب أبو تغلب ، وملكها عضد الدولة بن بوبه ، فاطلقه وأكرمه ، ورد عليه ضياعه ومنها قلعة : الشعباني ، وقلعة هارون ، وغيرهما من القلاع . وفي سنة إحدى وستين وثلاثمائة سلّم أخو حمدان لأمه لأبي تغلب الغضنفر قلعة ماردين ، فأخذ منها جميع أمواله وحرسه ، وكان المحاصر له بجيش أبي تغلب أبو اليقظان عمار بن أبي السرايا نصر بن حمدان . وفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة في آخر يوم من شهر رمضان أوقع أبو القاسم هبة الله بن ناصر الدولة بالدمستق ملك لروم الوقعة المشهورة ، وكان الدمستق في نحو خمسين ألفاً فأسر أبو القام ، وقتل أكثر الجيش وكانت الوقعة على بلد . قال : ثم أخذ أبو تغلب في استفساد إخوته واحداً بعد واحد حتى صاروا بأجمعهم إليه إلا أبو طاهر إبراهيم ، فإنه استأمن إلى بختيار ، ومضى إلى بغداد . وسار أبو تغلب بجماعة إخوته إلى قرقيسياء ، فنزل بها ، وبعث أخاه ، أبا القاسم هبة الله إلى الرحبة في جيش ليوقع بأخيه حمدان ، فخرج حمدان هارباً ، واتبعه ابنه أبو السرايا وسلك طريق البرية ، وكاد هبة الله أن يأخذه . وقيل : إنه قدر عليه وتركه ، وسار حمدان إلى بغداد ، فدخلها في ذي الحجة سنة ستين وثلاثمائة ، واجتمع بأخيه إبراهيم ، وأقاما عند بختيار مدة ، ثم كوتب إبراهيم من الموصل بالعودة إلى طاعة أخيه فهر ، فأغضب ذلك غز الدولة بختيار وسار إلى الموصل في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين ، فدخلها ، ورحل أبو تغلب إلى

الصفحة 82