كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 85 """"""
بين بقى وبشارة منافرة ، فأذاع بقى عن بشارة أنه قد كاتب حمدان بن ناصر الدولة ، وكان قد غلب على الرقة ونصيبين عند وفاة عمه ، وعزم على أخذ حلب وكتب بقى إلى قرعويه بذلك ، فقبض على أسباب بشارة بحلب ، ولما بلغ بشارة الخبر داخل بقى وآنسه ، وأظهر له المودة فأنسر به ، وأخبره بما أضمره ، وأنه يقصد الاستيلاء على ديار بكر ، ويقبض على أبي المعالي ابن مولاه ، ويملك هو التدبير ، وضمن لبشارة أنه يسلم إليه ميافارقين ، فأظهر بشارة القبول ، والإقال عليه ، وسار بمسيره ، فلما قربوا من ميافارقين ، كتب بشارة إلى أبى المعالي يحذره من الخروجللقاء التابوت ، ويعرفه ما عزم عليه بقى ، فأظهر أبو المعالي علة ، وامتنع من الركوب ، وأخرج أهل البلد لتلقى التابوت ، فلم يدخل بقى المدينة ، ووكل بأبوابها خلقا من الرجال الذين أعلمهم بالخبر ، وقبض على قوم من الكتاب ، وطالبهم بمال ينفقه في رجاله ، فدخل بشارة المدينة ، وطلع على السور ، وأغلق الأبواب ، وخاطب أصحاب بقى عن أبي المعالي بكل جميل ، فمالوا إليه ، وفارقوا صاحبهم فبطل ما دبره بقى ، وسار إلى منازكرد ، وكتب إلى أبي المعالي يطلب منه الأمان . فأمنه ، ولما حصل عنده قبض عليه ، وسلمه لبشارة ، فقتله ، وسار أبو المعالي إلى حلب في شهر رجب من السنة .
ذكر مقتل أبي فراس الحارث واستيلاء أبا المعالي على حمص
قال المؤرخ : كان سيف الدولة قد أقطع أبا فراس الحارث ابن سعيد بن حمدان ، وهو خال أبي المعالي شريف حمص بعد خلاصه من أسر الروم ، فأكثر الظلم والتعدي على أهلها . فلما توفي الأمير سيف الدولة اضطربت أموره ، ثم فسد ما بينه وبين ابن أخته أبي المعالي ، فسار أبو المعالي ، فارق حمص ، وانحاز إلى ضيعة له في طريق البرية تعرف بصدد ، وجمع سعد الدولة أعراب بني كلاب وظالماً العقيلي ، وبعثهم على مقدمته مع قرعويه ، فكبس أبا فراس بصدد ، فناوشهم القتال ، ثم قتله بعض غلمان قرعويه ، وعاد سعد الدولة إلى حمص ، فولاها لذكا غلام قرعويه .

الصفحة 85