كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 87 """"""
ذكر الصلح بين سعد الدولة وقرعويه والقبض على قرعويه ، وقيام بكجور ، وعود ملك حلب إلى سعد الدولة
وفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة تمَّ الصلح بين أبي المعالي وقرعويه ، ودعا له بحلب ، وكان أبو المعالي ينزل بحماه ، وكانت حمص قد أخربها الروم عند دخولهم إليها في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ، فنزل دقطاش غلام سيف الدولة بها وعمرها لأبي المعالي ، فنزلها بعد ذلك ، وكان قرعويه قد قدم غلامه بكجور على قرعويه ، واعتقله ، وملك حلب ، وأقام بها نحواً من خمس سنين ، فلم يرض أهلها سيرته ، وكاتبوا أبا المعالي ، فسار إليها ، ونزل معرة النعمان ، ففتحها ، ثم نزل على حلب في سنة ست وستين وثلاثمائة ، وأقام عليها نحواً من أربعة أشهر ، وافتتحها بحيلة ، وتحصن بكجور بالقلعة ، ثم صالح على أن يوليه سعد الدولة حمص ، وسلم القلعة بما فيها ، فتسلمها سعد الدولة ، وفى لبكجور ، وعظمت مملكة أبي المعالي عند ذلك ، وقويت حرمته ، وتمكنت دولته .
ذكر تولية سعد الدولة من قبل الخليفة وتلقيبه
كان سبب ذلك أن عضد الدولة البويهي لما ملك العرق بعد ابن عمه عز الدولة بختيار كاتبه أبو المعالي يبذل له الطاعة والدعوة ، فتنجز له من الخليفة الطائع لله الخلع واللَّقب بسعد الدولة ، والولاية على ما بيده من الأعمال ، وأرسل ذلك مع الرسول ، وخادم الخليفة . وكان جلوس الخليفة لذلك في شهر رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة .
ذكر خلاف بكجور على الأمير سعد الدولة وما كان من أمره
قال : وأقام بكجور في حمص ، وعمّرها أحسن عمارة ، وأمَّن أهلها وطرقاتها إلى أن وقع بينه وبين سعد الدولة في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة . فسار بكجور إلى حلب وحاصرها ، فبلغ ذلك ملك الروم ، فسار لنصرة أبي المعالي ونزل أنطاكية ، وكان معه مفرج ابن دغفل بن الجراح ، وكان بين مفرج وبكجور مودة ، فكتب إليه مفرج يخبره بقصد الروم ، فرحل عن حلب ، وسار إلى حمص وأخذ ما أمكنه من أمواله ، وكان العزيز صاحب مصر استدعى بكجوراً ليوليه الشام ودمشق لما اشتهر من شهامته ، فتولى دمشق بعد خطب عظيم جرى له ، واضطرب حال ، ودخلت الروم حمص الدخلة الثانية بإذن سعد لدولة لأنه خاف أن يملكها بكجور بالمغاربة ، وكان دخولهم إليها في يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة .