كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
وتسلم بكجور دمشق في يوم الأحد مستهل شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة . ثم وقع بين بكجور ، وبين يعقوب بن كلِّس الوزير ، فقبض بكجور على وكلاء الوزير بدمشق ، فاستحكمت العداوة بينهما ، وأفد الوزير نفس نزار صاحب مصر على بكجور ، فبعث منيراً الخادم في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة لصد بكجور ، وإخراجه من دمشق من غير إظهار ذلك بل أظهر أنه قصد بإرساله طرد مفرج بن دغفل من دمشق ، وجرى من الأمور ما أوجب خروج بكجور بأمواله وحرمه من دمشق . وكان خروجه في يوم الثلاثاء منتصف شهر رجب سنة ثمان وسبعين . وسار بكجور إلى الرقة ، وكان قد بعث غلامه وصيفاً في سنة ست وسبعين وثلاثمائة إليها ، فتسلمها من ديلمى ، وكان بها من أصحاب عضد الدولة بعد وفاته ، فلما دخلها بكجور راسل الطائع لله ، فلم يجد عنده ما يؤثره ، فأقام على الدعوة لنزار صاحب مصر ، وبعث إليه نزار يقول : إني ما أردت إخراجك من دمشق ، وإنما أردت طرد ابن الجراح منها ، وأبقى عليه ضياعه ، وأمواله بها ، وقوي أمر بكجور بالرقة ، واشتد طمعه في أخذ حلب من سعد الدولة وكاتب نزاراً بذلك ، وطلب إنجاده ، فكتب نزار إلى والي طرابلس بالمسير إلى بكجور متى استدعاه ، وجمع بكجور العرب وكتب إلى نزار وإلى طرابلس أن يوافيه بحلب ، وكان سعد الدولة قد كاتب بسيل ملك الروم يعلمه بذلك ، ويطلب منه أن يأمر نائبه بأنطاكية ، وسائر الثغور بإنجاده متى طلبهم ، فكتب بسيل لهم بذلك ، ثم أرسل سعد الدولة بكجور ، وبذل له أن يقطعه من الرقة إلى حمص ، فقال لرسوله : قل له الجواب ما تراه دون ما تسمعه ثم سار بكجور لحرب سعد الدولة ، وتقدمت مقدماتها فتطاردا ، فكان سعد الدولة يخلع على من أبلى من أصحابه ، وينعم عليهم ويحملهم ، وبكجور يكتب أسماء من أبلى من أصحابه لينظر في أمرهم ، فتغيرت لذلك قلوبهم . ثم كاتب سعد الدولة أعراب بكجور ، وأطمعهم فعصوا على بكجور ونهبوا سواده . ثم سار كل من العسكرين في يوم السبت لسبع خلون من صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة إلى الآخر ، والتقوا ، واقتتلوا قتالاً شديداً كان الظفر لسعد الدولة وأحابه على بكجور ، فانهزم إلى حلب ، واستولى القتل والأسر على غلمانه ، واستخفى بكجور في بيت رحى بظاهر حلب ، وتقلبت به الأحوال إلى أن استجار ببعض العرب ، فحمله إلى سعد الدولة ، فرب عنقه ، ثم سار سعد الدولة بعد أن أعاد الروم إلى بلادهم ، وقصد الرقة ، فنازلها وتحصن منه

الصفحة 88