كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 89 """"""
سلامة الرشيفى غلام بكجور بحصن الرافقة ، ومعه حرم بكجور وأمواله ، وابن المغربي كاتبه ، فكاتبه سعد الدولة في تسليم الحصن ، فبعث سلامة إليه يقول : أنا عبدك ، ولكن لبكجور عندي صنائع تمنعني من تسليم الحصن إلا أن أستوثق لحرمه وأولاده ، فإن أمنتهم على أن يكون لك السلاح من أموالهم دون غيره سلمت لك الحصن ، فأجابه سعد الدولة إلى ذلك ، وحلف له وتسلم الحصن . ولما نزل أولاد بكجور ، وحملوا أموالهم قال ابن أبن حصين قاضي حضرة سعد الدولة : إن بكجوراً مملوكك لم تعتقه ، وأولاده كذلك ولا مال لهم ، ولا إثم عليك في أخذ أموالهم ، فقبض عليهم عند ذلك ، وأخذ الأموال ، وهرب ابن المغربي إلى الكوفة ، وكتب أولاد بكجور بذلك إلى العزيز نزار صاحب مصر ، فكتب العزيز إلى سعد الدولة كتاباً يهدده فيه ويقول : إن لم تطلق آل بكجور وأموالم بعثت الجيوش لحربك . وانفذ الكتاب مع فائق الصقلبي . فوصل إليه ، وقد عاد م الرقة ، وهو نازل بظاهر حلب . فلما وقف سعد الدولة على الكتاب غضب ، وأحضر الرسول ، وصفعه ، وألزمه أن يأكل الكتاب فتناوله ، ومضغه حتى فرغ منه ، وقال له : عد إلى صاحبك ، وقل له لا حاجة لك في إرسال الجيوش ، فأنا سائر إليك ، والخبر يأتيك من الرملة ، وعزم سعد الدولة على قصد العزيز صاحب مصر ، فعاجلته منيته .
ذكر وفاة سعد الدولة
كانت وفاته ليلة الأحد لخمس بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وسبب ذلك أنه لما عاد رسول العزيز بالرسالة التي ذكرناها قدَّم بعض جيوشه إلى حمص . وأقام هو بظاهر حلب أيامأً ليرتب أحواله ، فعرض له قولنج أشفى منه ، فأشار أطباؤه عليه بدخول حلب وملازمة الحمام ، ففعل ذلك وانتفع وصح ، فلما كان في اليوم الثالث من صحته زين له البلد ليركب ، فجاءته جارية في ليلة ذلك اليوم من جملة حظاياه ، وكن أربعمائة حظية ، وكان سعد الدولة يهواها ، فلما رآها ما تمالك عند رؤيتها أن واقعها ، فلما فرغ سقط عنها ، وقد جف نصفه الأيمن ، وفلج فدخل عليه النفي الطبيب ، والتمس أن يجس نبضه ، فناوله اليد اليسرى فقال : يا مولاي اليمين ، فقال : يا نفيس ما تركت لي اليمين شيئاً ، أراد بذلك نقض اليمين التي حلفها لآل بكجور . وتوفي في هذه المرضة .

الصفحة 89