كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
ذكر حرب بين مرداويج و بين هارون بن غريب
قال : ولما استتب لمرداويج الأمر أتاه الديلم من كل ناحية لبذله ، وإحسانه إلى جنده ، فعظمت جيوشه ، وكثرت عساكره ، وكثر الخرج عليه ، فلم يكفه ما بيده ، ففرق نوابه في النواحي المجاورة له ، وبعث إلى همذان ابن أخت له في جيش كثيف ، وكان بها أبو عبد الله محمد بن خلف في عسكر للخليفة ، فتحاربوا وأعان أهل همذان عسكر الخليفة ، فظفروا بالديلم ، وقتل ابن أخت مرداويج ، فسار إلى همذان ، فلما سمع أصحاب الخليفة بمسير مرداريج انهزموا ، وفارقوا همذان ، ونازلها مرداريج ، فتحصن أهلها منه ، فقاتلهم ، وظفر بهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، وأحرق وسبى ، ثم رفع السيف وأمر بنفيهم ، فأنفذ المقتدر هارون بن غريب في عساكر كثيرة لمحاربته ، فالتقوا بنواحي همذان ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم هارون ، واستولى مرداويج على بلاد الجيل جميعها ، وما وراء همذان ، وسير قائدا من قواده يعرف بابن عجلان القزويني إلى الدينور ، ففتحها بالسيف ، وقتل كثيرا من أهلها ، وبلغت عساكره ، إلى نواحي حلوان فغمت وقتلت ، ونهبت ، وسبت ، وعادت إليه .
ذكر ملكه أصفهان
قال : ثم أنفذ مرداويج طائفة أخرى إلى أصفهان ، فملكوها ، واستولوا عليها ، وبنواله فيها مساكن أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف فسار مرداويج إليها ، ونزلها ، وهو في أربعين ألفا ، وقيل خمسين ألفا ، وأرسل جمعا آخر إلى الأهواز ، فاستولوا عليها وعلى خوزستان ، وجبوا أموال تلك البلاد ، والنواحي ، فقسمها في أصحابه ، وادخر منها ذخائر كثيرة ، ثم أرسل إلى المقتدر رسولا يقرر على نفسه مالاً على هذه البلاد ، ونزل للمقتدر عن همذان ، فأجابه إلى ذلك ، وقرر عليه مائتي ألف دينار في كل سنة .
ذكر وصول وشمكير إلى أخيه ومرداويج
قال : ولما استقرّ ملك مرداويج أرسل في طلب أخيه وشمكير ، وهو ببلاد جيلان يستدعيه . قال الجعد : أرسلني إليه فجئته فإذا هو في جماعة يزرعون الأرز ،

الصفحة 9