كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
قاتلها مدة شهرين فلم يظفر منها بشيء ، فاستظهر عليه أبو الفضائل ولؤلؤ غاية الاستظهار ، فعاد عنها في شهر رمضان وولى حمص لمعضاد الحمداني . ثم سار إلى حلب في سنة ثلاث وثمانين ، ثم عاد عنها وار إليها في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، وقد جمع واستعد ، فنازلها وضايقها مدة شهرين ، فبعث لؤلؤ إلى البرجي صاحب أنطاكية في الحضور إليه ، فجمع الروم ، وكان قد خرج إليه من بلاد الروم رئيس عظيم عندهم يقال له : أصابع الذهب ، فجمع أيضاً من أمكنه ، وسارا بمن معهما حتى نزلا على نهر المقلوب ، فأقاما هناك ، ورجع منجوتكين عن حلب ، ونزل بإزائهما ، وكان عسكره أكثر من جمعهما ، فاقتتلوا ، فكانت الدائرة على الروم ، وذلك في شعبان سنة أربع وثمانين ، وعاد منجوتكين إلى محاصرة حلب ، فحاصرها من شعبان إلى شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين ، فاشتد الحصار على ألها ، وكانت الأخبار ترد على بسيل ملك الروم وهو ببلاد البلغر ، وله بها سنين كثيرة ، وقد استحوذ على أكثرها ، فخاف على حلب فترك قتال البلغر ، ورجع إلى القسطنطينية ، وخرج في نحو أربعين ألفاً من خواص أصحابه يركبون البغال الراوين ويجنبون الخيل ، وسار لا يلوى على متأخر ولا يقف لمنقطع فوصل إلى إعزاز في سبعة عشر ألفاً ، وعزم على أن يكبس منجوتكين ، فنمى الخبر إليه ، فانهزم لوقته ، وسار إلى دمشق .
ذكر الصلح بين أبي الفضائل والعزيز نزار صاحب مصر
قال : ولما رجع منجوتكين إلى دمشق توسط بدر الحمداني في الصلح بين العزيز وأبي الفضائل ، فتم ، وانعقد في بقية سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، وورد كتاب الصلح على أبي الفضائل مع مختار الحمداني ، وأقام الأمر على ذلك إلى أن توفي لؤلؤ الحمداني ، وانقطع خبر أبي الفضائل ولم يسمع له ذكر إلا أن لؤلؤاً الجراحي كان يدبر أمر حلب إلى سنة أربع وأربعمائة ، وكتب له سجل في شوال من السنة من قبل الحاكم صاحب مصر بملك حلب ، ولقبه مرتضى الدولة .

الصفحة 91