كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)
"""""" صفحة رقم 12 """"""
له وأجابه إلى ما طلب ، وأمر أقسنقر البخاري بالمسير إليه وإعلامه بعفو السلطان وبسط أمله .
ولما كتب إلى أخيه في طلب الأمان وصل إليه بعد ذلك بعض الأمراء ، وحسن له المسير إلى الموصل ، ومكاتبة تدبيس بن صدقة ، والاتفاق معه ، ومعاودة طلب السلطنة ، فسار من ذلك الموضع ووصل أقسنقر البخاري فلم يجده فسار في أثره وجد السير ، فأدركه على ثلاثين فرسخاً من مكانه ذلك ، فاجتمع به وعرفه عفو أخيه عنه ، وضمن له ما أراد ، وأعاده إلى العسكر ، فأمر السلطان العساكر باستقباله وتعظيمه ، ففعلوا ذلك . وأمر السلطان بإنزاله عند والدته وجلس له وأحضره ، واعتنقا وبكيا ، وانعطف عليه السلطان محمود ، ووفى له ، وخلطه بنفسه في جميع أحواله ، فعد الناس ذلك من مكارم السلطان محمود . وكانت الخطبة لمسعود بالسلطنة بأذربيجان والجزيرة والموصل ثمانية وعشرين يوماً .
وأما أتابكة جيوش بك فإنه سار إلى عقبة استر أباد ، وانتظر الملك مسعود فلم يره ، فلما أيس منه سار إلى الموصل ، ونزل يظاهرها وجمع الغلات من السواد إليها ، واجتمع إليه عسكره فلما بلغه ماكان من أمر الملك مسعود وأخيه ، سار إلى السلطان وهو بهمذان ودخل إليه فأمنه .
وأما الأمير دبيس بن صدقة ، فإنه نهب البلاد وخربها وفعل الأفعال القبيحة ، فأمنه السلطان ، والله أعلم .
ذكر طاعة الملك طغرل لأخيه السلطان محمود
قال : كان دخول الملك طغرل في طاعة أخيه السلطان محمود في المحرم سنة ست عشرة وخمسماية ، وكان قد قصد أذربيجان في سنة أربع عشرة . وكان أتابكه كندغدي يحسن له ويقويه عليه ، فاتفقت وفاته في شوال سنة خمس عشرة وكان الأمير اقسنقر صاحب مراغة عند السلطان ببغداد ، فاستأذن السلطان في المضي إلى إقطاعه فأذن له ، فلما سار عن السلطان ظن أنه يقوم مقام كندغدي عند الملك طغرل ويتنزل منزلته ، فسار إليه واجتمع به ، وأشار عليه بمكاشفة أخيه ، وقال له : إذا وصلت إلى مراغة ، اتصل بك عشرة آلاف فارس وراجل فسار طغرل معه ، فلما وصلا إلى