كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
الخروج من داره عدة أيام ، فقال : لاأترك الجمعة لشيء أبداً فغلبوه على رأيه ومنعوه من قصد الجمعة ، فعزم على ذلك ، وأخذ المصحف ليقرأ فيه ، فأول ما خرج له قوله تعالى : وكان أمر الله قدراً مقدوراً فركب إلى الجامع على عادته . وكان يصلي في الصف الأول ، فوثب عليه بضعة عشر نفساً ، عدة الكلاب التي رآها ، فجرحوه بالسكاكين ، فجرح هو ، بيده ثلاثة منهم ، وقتل رحمه الله تعالى .
وكان تركيا خيراً ، يحب أهل العلم والدين ، كثير العدل يحافظ على الصلوات لأوقاتها ، ويصلي بالليل تهجدا . ولما قتل كان ابنه مسعود بحلب يحفظها من الفرنج ، فأرسل إليه أصحاب والده بالخبر فسار إلى الموصل ، ودخلها في أول ذي الحجة ، ثم توجه إلى السلطان محمود فأحسن إليه وأعاده . وفي هذه السنة وقع الاختلاف بين السلطان محمود والخليفة المسترشد بالله .
وكان سببه برنقش ، فسار السلطان إلى العراق ، وكان بينه وبين الخليفة ما قدمناه في أخبار المسترشد بالله ، ثم اتفقا على مال حمله الخليفة إليه .
وفي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة أسند السلطان شحنكية العراق إلى عماد الدين زنكي على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخباره .
وفيها في عاشر شهر ربيع الآخر سار السلطان محمود من بغداد وحمل إليه الخليفة الخلع والدواب الكثيرة ، فقبل جميع ذلك ، ولما أبعد عن بغداد قبض على وزيره أبي القاسم علي بن الناصر النسا بادي في شهر رجب لأنه اتهمه بممالأة المسترشد بالله ، وأرسل إلى بغداد وأحضر شرف الدين أنو شران بن خالد ، فوصل إلى السلطان وهو بإصفهان ، وعاد عليه الوزارة واستوزره ، فاستمر عشرة أشهر وعزل نفسه ، وعاد إلى بغداد في شعبان سنة اثنتين وعشرين ، فأعيد الوزير أبو القاسم .
وفي سنة إحدى وعشرين توفي عز الدين مسعود بن البرسقي أمير الموصل فأقام السلطان مقامه عماد الدين زنكي . وفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة قدم السلطان سنجر عم السلطان محمود إلى

الصفحة 17