كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
فارس ففارق البصرة ودخل البرية ، ثم سار إلى الشام في سنة خمس وعشرين ليملك صرخد ، وكان صاحبها قد توفي ، واستولت جاريته على القلعة وما فيها ، فاستدعت دبيس بن صدقة ليتزوج بها ، ويملك القلعة . فسار إليها فضل عن الطريق ، فنزل بناس من كلب كانوا بنواحي الغوطة ، فأخذوه وحملوه إلى تاج الملوك صاحب دمشق ، فحبسه عنده ، فسمع أتابك زنكي خبره ، فأرسل إليه يطلبه منه ويتهدده إن لم يرسله إليه ، فأرسله إليه ، فأحسن إليه زنكي إحساناً لم يسمع بمثله ، وكان قد ظن أنه يهلكه فأقام عنده وانحدر معه إلى العراق والله أعلم .
وفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة خرج الملك مسعود بن محمد من خراسان وكان عند عمه السلطان سنجر ووصل إلى ساوة ، فسار السلطان من بغداد إلى همذان ، وفي ظنه أن مسعود يخالفه على عادته . فلما وصل إلى كرمان وصل إليه أخوه الملك مسعود وخدمه ، فأقطعه كنجة وأعمالها .
ذكر وفاة السلطان محمود وشيء من أخباره وملك ابنه داود
كانت وفاته بهمذان في شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة وكان له من العمر نحو سبع وعشرين سنة ، وكنت مدة سلطنته ثلاث عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرين يوماً وكان حليماً كريماً عاقلاً ، يسمع ما يكره فلا يعاقب عليه مع القدرة ، قليل الطمع في أموال الناس ، عفيفاُ عنها ، كافاً لأصحابه عن الظلم والتطرق إلى أموال رعيته .

الصفحة 19